الحلقة الثالثة: 25 يناير جولة أخري في مواجهة البغي
19 يناير، 2016
إسلاميات, تربوى
1,339 زيارة
الحلقة الثالثة 19-1-2015 بعنوان
“25 يناير جولة أخري في مواجهة البغي”
الافتتاحية : سورة الفتح 1 – 10
قال تعالي: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا * وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الفتح:1-10).
“عن ابن شهاب: لم يكن في الإسلام فتح أعظم من فتح الحديبية وضعت الحرب وأمن الناس.
وقال الشعبي: أصاب النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة ما لم يصب في غيرها، بويع فيها بيعة الرضوان تحت الشجرة، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وظهرت الروم على فارس، وكان صلى الله عليه وسلم وعد به فصح صدقه وأطعم نخل خيبر”(تفسير النيسابوري).
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله: “تفتتح السورة بهذا الفيض الإلهي على رسوله صلى الله عليه وسلم: فتح مبين، ومغفرة شاملة، ونعمة تامة، وهداية ثابتة، ونصر عزيز.
إنها جزاء الطمأنينة التامة لإلهام الله وتوجيهه، والاستسلام الراضي لإيحائه وإشارته، والتجرد المطلق من كل إرادة ذاتية، والثقة العميقة بالرعاية الحانية.
يرى الرؤيا فيتحرك بوحيها، وتبرك الناقة، ويتصايح الناس: خلأت القصواء فيقول: «ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة.
لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسئلونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها».
ويسأله عمر بن الخطاب في حمية: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ فيجيبه: «أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني».
ذلك وحين يشاع أن عثمان قتل يقول صلى الله عليه وسلم: «لا نبرح حتى نناجز القوم».
ويدعو الناس إلى البيعة، فتكون بيعة الرضوان التي فاض منها الخير على الذين فازوا بها وسعدوا.
وكان هذا هو الفتح إلى جانب الفتح الآخر الذي تمثل في صلح الحديبية، وما أعقبه من فتوح شتى في صور متعددة: كان فتحاً في الدعوة.
يقول الزهري: فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه. إنما كان القتال حيث التقى الناس. فلما كانت الهدنة، ووضعت الحرب، وأمن الناس بعضهم بعضا، والتقوا، فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يكلم أحد في الإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه.
ولقد دخل في السنتين بين صلح الحديبية وفتح مكة مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر. وكان فتحاً في الأرض. فقد أمن المسلمون شر قريش، فاتجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تخليص الجزيرة من بقايا الخطر اليهودي بعد التخلص من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وكان هذا الخطر يتمثل في حصون خيبر القوية التي تهدد طريق الشام.
وقد فتحها الله على المسلمين، وغنموا منها غنائم ضخمة، جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن حضر الحديبية دون سواهم. وكان فتحاً في النفوس والقلوب، تصوره بيعة الرضوان، التي رضي عنها الله وعن أصحابها ذلك الرضى الذي وصفه القرآن. ورسم لهم على ضوئه تلك الصورة الوضيئة الكريمة في نهاية السورة: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَالَّذِينَ مَعَهُ … ».
فهذا فتح في تاريخ الدعوات له حسابه، وله دلالته، وله آثاره بعد ذلك في التاريخ”(في ظلال القرآن، بتصرف).
دروس مستفادة من الآيات:
-
الفتح ما سماه الله تعالي فتحاً وإن رآه الناس غير ذلك.
-
يصرف الله تعالي جنود السموات والأرض بحكمتة وعزته كيف يشاء، وملوك الدنيا لا يمكلون من ذلك مثقال ذرة.
-
بيعة المؤمنين لرسول الله صلي الله عليه وسلم علي الجهاد هي في الحقيقة بيعة مع الله تعالي.
-
………………….أذكر دروساً أخري.
مفاجأة الموجة الأولي للثورة:
رغم أن دوافع الثورة من الاستبداد السياسي، والظلم الاجتماعي، والفساد المالي والإداري، ومناخ القمع وغياب الحريات وامتهان كرامة الإنسان، والتمييز الطبقي، واحتكار السلطة والثروة، وتفاقم مشكلات البطالة، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وغير ذلك.. رغم أن هذه الدوافع وغيرها كانت موجودة في التربة المصرية قبل يناير 2011 إلا أن أحداً لم يتنبأ بوقوع الثورة علي النحو الذي وقعت به حتي أطلق البعض عليها أنها ثورة ربانية اختار الله تعالي وقتها وطريقتها وما ذلك إلا لأنه أراد بالأمة خيراً، وأنه يهيء لها أمراً، ويعدها لهذا الأمر، ورغم أن الإخوان قادوا مرحلة الكفاح السابق علي الثورة خلال عقود في مواجهة الظلم والطغيان، برفضهم للظلم، ووقوفهم في وجه الاستبداد، وتبنيهم لقضايا المجتمع المصري ومحاولتهم تقديم الخدمات الممكنة له في المجالات المختلفة التعليمية و الصحية والإغاثية و المهنية والبر وغيرها، وتبنيهم لقضايا الأمة العربية والإسلامية وتفاعلهم معها وتعريف الشعب بها بداية من دعم كفاح الشعب الفلسطين للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، ودعم الجهاد الأفغاني للتحرر من الاحتلال السوفيتي، ودعم حقوق المسلمين في الشيشان وكوسوفا والبوسنة والهرسك، وغيرها، ورغم اشتباكهم مع الواقع من حولهم ومحاولتهم المستمرة لإصلاحة وتغييره عبر العمل النقابي والكفاح السياسي والدستوري، والعمل علي إرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه ومحاربة كل مظاهر الفساد والانحلال والوقوف في وجه الغزو الثقافي وموجات التغريب..رغم هذا كله وغيره كثير من صور الكفاح التي مهدت للثورة إلا أن الثورة لم تكن ضمن خططهم، ولكنهم كانوا يعلمون أن الأوضاع السيئة تدفع إليها، وأعلنوا بصراحة يوم 20 يناير 2001 أن موقعهم الطبيعي مع الشعب المصري في مقاومته للاستبداد، وأنهم سيشاركون في مظاهرات 25يناير التي تحولت بفضل الله أولاً ثم بالحشد المنظم للإخوان والتحام الشعب بهم إلي ثورة، وكان ذلك بعد يوم واحد من استدعاء جهاز أمن الدولة لمسئولي المكاتب الإدارية للإخوان علي مستوي الجمهورية في محاولة منه لإثناء الإخوان عن المشاركة في مظاهرات 25 يناير 2011.
دماء الشهداء وقود الثورة:
من دروس التاريخ أن النصر لا يأتي بالمجان، وأن الحرية تنتزع ولا توهب، وأن الحقوق تؤخذ غلاباً، وأن الطغاة لا يتنازلون عن مواقعهم طواعية، ولا يسلمون للشعب بحقوقه حتي يغلبوا علي ذلك، وأنهم يعتبرون الشعب من جملة ممتلكاتهم، ولا توجد ثورة في التاريخ واصلت كفاحها وحققت أهدافها إلا بالتضحيات العزيزة بالأنفس والأموال. وثورة يناير ليست بدعاً من الثورات، فقد قدم الشعب المصري المئات من الشهداء في الموجة الأولي للثورة، وقدموا الآلاف من الشهداء في الموجة الثانية بعد الانقلاب العسكري علي إرادة الشعب المصري وإزاحة الشرعية المنتخبة بقوة الدبابة واستبدال صندق الانتخابات بصندوق الذخيرة، وهذه الدماء لن تضيع هدراً، ولن تذهب سدي، فهي التي تخط طريق النصر، وهي التي تنير الدرب، وهي التي تمد الثوار بقوة دافعة عظيمة لمواصلة الكفاح وتحمل الصعاب، لا تتبدد حتي تتجدد، ولا تخبوا حتي تشتعل من جديد، وهذه الدماء الزكية الطاهرة ستكون حتماً لعنة علي الظالمين المجرمين الذين سفكوها بغير وجه حق، سفكوها بلا ذنب إلا حب الوطن، وبلا جريرة إلا عشق الحرية، لم يكن للشهداء ذنب إلا رفضهم للظلم، واستعلاءهم علي الباطل، ورفضهم أن يسيروا مع القطيع، وحلمهم بوطن أفضل ومستقبل أفضل يحترم إنسانية الإنسان وكرامة المواطن. حتماً ستنتصر هذه الدماء وسيتحقق حلمها، وهذا هاشم الرفاعي يخاطب الشهيد فيقول:
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخــمدت
|
*****
|
ستظل تغمر أُفقهم بدخــــــــان
|
وقروح جسمك تحت ســـــياطهم
|
*****
|
قسمات صبح يتقيه الجانــــــي
|
دمع السجين هناك في أغلالـــــه
|
*****
|
ودم الشهيد هنا ســـــيلتقيـــــان
|
حتى إذا ما أفعمت بهما الربـــــا
|
*****
|
لم يبق غير تمرد الفيضــــــان
|
ومن العواصف ما يكون هبوبها
|
*****
|
بعد الهدوء وراحة الربــــــــانِ
|
إن احتدام النار في جوف الثرى
|
*****
|
أمر يثير حفيظة البركـــــــــان
|
وتتابع القطرات ينزل بـــــــعده
|
*****
|
سيل يليــه تدفــــق الطوفـــــان
|
فيموج يقتلع الطغاة مزمجــــــرا
|
*****
|
أقوى من الجبروت والسلطـان
|
لست أدرى هل ستُذْكَر قــــصتي
|
*****
|
أم سوف يعروها دجى النسيان
|
أو أنني سأكون في تاريخنـــــــا
|
*****
|
متآمرا أم هــــادم الأوثـــــان؟
|
كل الذي أدريه أن تجرعـــــــي
|
*****
|
كأس المذلة ليس في إمكـــانـي
|
لو لم أكن في ثورتي متطلبــــــا
|
*****
|
غير الضياء لأمتي لكفــانــــي
|
أهوى الحياة كريمة لا قيــــــد لا
|
*****
|
إرهاب لا استخفاف بالإنســان
|
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي
|
*****
|
يغلى دم الأحرار في شريانــي
|
صمود الثوار يغير معادلة الصراع:
لا شك أن صمود الثوار والإخوان في القلب منهم يؤدي في النهاية إلى تغيير معادلة الصراع، خاصة مع تمسك الثوار بالخط الثوري السلمي وعدم الانجرار إلي عسكرة الثورة أو المواجهة الشاملة مع العسكر، أوالسقوط في مستنقع الاحتراب الأهلي ، وقد بدت بوادر تغيير معادلة الصراع فعلاً في الواقع المصري ومن مؤشراتها تآكل الحاضنة المجتمعية للانقلاب، مقابل زيادة الحاضنة المجتمعية لأنصار الشرعية سواء علي مستوي النخبة أو علي مستوي القاعدة الشعبية، ومن مؤشراتها حدوث تململ داعمي الانقلاب من حالة الفشل التي مني بها الانقلاب علي كافة الأصعدة خاصة الفشل الاقتصادي والفشل في حل مشكلات الحياة اليومية للشعب المصري، ومن مؤشراتها زيادة جرأة المواطن العادي في انتقاد السيسي وسياسته في المواصلات العامة وغيرها من أماكن التجمع، بل وتراجع مؤيدي الانقلاب في الدفاع عنه، ومن مؤشراتها كذلك المقاطعة الواسعة لكل الفعاليات الانتخابية التي تمت في ظل الانقلاب العسكري مقابل المشاركة الواسعة في الانتخابات الي أفرزت النظام الشرعي الممثل لثورة 25يناير. والاستمرار في هذا الصمود مع الحفاظ علي طبيعته السلمية وتطوير الحراك وتوسيعه والحفاظ علي النواة الصلبة التي ترفع راية الثورة هو الطريق الصحيح الذي يوصل في النهاية إلي انتزاع الحقوق ونيل الحرية وتحقيق أهداف الثورة.
دورنا في هذه الجولة:
-
المبادرة: لأن مبادرة الإخوان وقيادتهم للحراك الثوري يحصن الثورة من السطو عليها من قبل الانهازيين ولصوص الثورات، كما أن مبادرات الأفراد المبدعة لتطوير الحراك وتفعيل القوة الموجودة علي الأرض لتحقيق أفضل نتائج ممكنة لحركتها، والاستمرار في توعية المجتمع وحشد قواه الحية ضد الانقلاب سيقرب مرحلة الحسم.
-
الشجاعة: سواء الشجاعة في مواجهة الانقلاب والاستعداد للتضحية من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، أو الشجاعة في مواجهة النفس للتخلص من سلبيتها، وإصلاح عيوبها وتعديل مواقفها لصالح القيم والمبادئ، فهذا الخلق لازم للنجاح في قهر الخوف، والتخلص من السلبية، والتخلص من المعوقات وتخطي العقبات واقتحام المخاطر والجرأة في المواقف والموقع المختلفة.
-
الالتزام بالصف والتكاليف: فالحفاظ علي تماسك الإخوان ووحدة الصف الثوري من واجبات الوقت؛ لأن الاتحاد قوة والتفرق ضعف، والخروج علي التكاليف والواجبات يؤدي إلي الانحراف عن المسار الصحيح الذي خطه الثوار بدمائهم خلال عامين ونصف.
-
الإبداع في الوسائل: فالوسائل المبدعة مهما بدت بسيطة تكون آثارها عظيمة كما سبق وأوضحنا في استراتيجية الأنفاق واستراتيجية الطعن اللتين أبدعتهما العقلية الفلسطينية المقاومة.
-
انتظار الفرج وترقب النصر: فانتظار الفرج من أعظم العبادات و أجل القربات، بعد استفراغ الوسع في الأخذ بالأسباب، والتوكل الكامل علي الله تعالي واهب الحياة ومنزل النصر إن شاء تعالي ويقولون متي هو قل عسي أن يكون قريباً.
تطبيقات عملية :
-
يناقش مااتفقوا علي القيام به مجتمعين وهل تم أم لا
-
الحراك – المجتمع …حدد الدور المناسب لك في هذين المحورين…الزم به نفسك وقيم نفسك في ذلك
-
القائد ….ماذا ستفعل مع أخيك الذى لا يفعل شيئا؟
شاهد أيضا :

