الفلوجة .. تاريخ من المجازر والبطولات والصمود
2 يونيو، 2016
أخبار, أخبار عامه
437 زيارة
تعتبر مدينة الفلوجة ثالث أكبر المدن العراقية بعد الموصل والبصرة، وكان يقطنها حوالي مليون نسمة قبل الغزو الأمريكي، وهي ذات طبيعة خلابة، إذ يخترق نهر الفرات المدينة، بينما تحدها من الجنوب الغربي بحيرة الحبانية والشمالي بحيرة الثرثار، ومن الشرق منطقة زراعية واسعة تمتد إلى مدينة أبو غريب في بغداد، ومن الغرب منطقة الحبانية السياحية ومئات من الهكتارات الزراعية وبساتين النخيل، يغلب على أهلها الطابع الديني القبلي، ويقطنها مسلمون وأقلية مسيحية وصابئة وقد غادرت الطائفتان الأخيرتان المدينة بعد الاحتلال الأميركي واتساع الفوضى والعنف كباقي مدن العراق.
لا تكاد مدينة الفلوجة العراقية تخرج من معركة حتى تدخل في أخرى، في متوالية لم تهدأ منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003. المدينة التي اشتهرت بكثرة مساجدها ارتبط صيتها أيضا بكثرة المعارك التي تدور فيها وحولها، في بلد ملتهب دمره الاحتلال وصعود النزعات الطائفية.
الفلوجة اكتوت بنار الاحتلال الأميركي وسيطرة تنظيم القاعدة وأخيراً بإقامة جبرية فرضها تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) على أهالي المدينة الذين يناهز عددهم 100 ألف نسمة.
على أسوار الفلوجة يحتشد آلالاف من مليشيات “الحشد الشعبي” وسط مخاوف من انتهاكات قد تحصل على غرار سيناريو تحرير تكريت، وسط تواجد حكومي ودعم أمريكي بضربات جوية من التحالف الدولي، وإيراني عبر الملشيات الشيعية،
وتتعرض “فلوجة” العراق لعمليات قصف وذبح لسكانها بدم بارد منذ فجر الاثنين 23 من مايو الماضي.
الفلوجة التي ظلت محاصرة طيلة الثلاث سنوات الماضية يدفع أهلها ضريبة إنسانية فادحة، فهم ملزمون إمّا بالعيش تحت قهر تنظيم داعش، أو الاستسلام وانتظار رصاص الملشيات الإيرانية الشيعية، أبناؤها تحولوا لقائمة مفتوحة من القتلى والجرحى، نزيف دمائهم افترش شوارع المدينة، آخرها مذبحة “الكرمة” والتي ذبح فيها 17 شابًا.
الإبادة الجماعية في الفلوجة باتت عنوانًا ليوميات المدنيين، وكأنّ العراقيين كُتب عليهم أن يظلوا دائما وقود الحرب في بلاد العلم.
فبعد حصار وتجويع، واستهداف للمدنيين، بدأ الانتقام الشيعي من الفلوجة بقيادة قاسم سليماني عقل إيران في العراق وقائد فيلق القدس، وهادي العامري قائد ملشيا الحشد الشعبي الشيعي.
الاحتلال الأمريكي
فبالرغم من كونها مدينة المساجد والصمود ضد الاحتلال الأمريكي عام 2003، إلا أنّ الفلوجة ومنذ فترة وجهة للنيران، تارة أمريكية وأخرى عراقية وثالثة طائفية شيعية، وصولا إلى الجيش العراقي الآن والفقيه الإيراني.
الوضع الإنساني في الفلوجة صعب للغاية، فبسبب القصف المتواصل على المدينة، بدأت معاناة المدنيين مع الجوع وفقدان السلع الأساسية والخدمية، لا سيما الوقود، بالإضافة إلى شح الأدوية والمستلزمات الطبية.
وشكلت بداية عام 2014 نقطة بارزة في تاريخ مدينة الفلوجة، حين تمكن تنظيم الدولة “داعش” من بسط نفوذه على كامل ترابها، ومنذ ذلك الوقت فرضت المدينة وجودها بقوة على أجندة الحكومة العراقية عسكريا وسياسيا، واستغلتها إيران الآن للانتقام من سنة العراق.
معارك طائفية
ومع إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء “معركة الفلوجة” لاستعادة السيطرة على المدينة من قبضة “داعش”، منذ نحو أسبوع، يبقى الترقب سيد الموقف لما ستسفر عنه المعارك، مع وجود مخاوف كبيرة على مصير أكثر من خمسين ألف مدني محاصرين في المدينة.
وبعد أيام من انطلاق المعركة، بدأ يتساقط القتلى من الجانبين، مئات من قبل الحشد الشعبي والجيش العراقي، وعشرات من قبل تنظيم “داعش” يتزامن معه اقتحام لبعض القرى الواقعة في أطراف المدينة.
في المقابل، اتجه تنظيم الدولة “داعش” في الساعات الأخيرة لاستخدام المدنيين كدروع بشرية في صد هجوم الجيش العراقي والملشيات الشيعية.
أبرز المجازر
المجازر التي تعرضت لها مدينة الفلوجه، منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 سواء من القوات الأمريكية، نظرا لكونها كانت من أشرس اللمناطق عداء للغزو، أومن الميليشيات الشيعية التي كان لها دور كبير في قتل وتهجير أهالي الفلوجة لأسباب طائفية نظرا لأن غالبية سكان المدينة من السنه.
المجزرة الأولى للمدينة كانت على يد قوات الاحتلال الأمريكي بأسلحة ثقيلة في بداية الغزو وذلك بسبب مقتل 4 جنود من شركة بلاك ووتر الأمريكية على جسر في أطراف المدينة يطل على نهر الفرات.
ودار القتال في المدينة بصفة وحشية من القوات الأمريكية، وحاولت المقاومة آنذاك تشتيت القوات وتحولت المعركة لحرب عصابات، وهو ما دفع الأمريكان للاعتماد على القصف العشوائي للمنازل ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين ورغم ذلك لم يستسلم سكان المدينة الصامدة.
أما معركة الفلوجة الثانية وقعت في الفترة ما بين 7 نوفمبر، 2004 و23 ديسمبر، حيث ضاعفت القوات الأمريكية تعزيزاتها 7 أضعاف عن المعـركة الأولى، وبلغت أعداد جنودها أكثر من 15ألف جندي، مقابل حوالي 1000 مقاتل كانوا متحصنين داخل المدينة.
بعد محاولات فاشلة للتفاوض مع أهالي المدينة، نفذت القوات الأمريكية حصارا خانقا على الفلوجة حيث قطعت عنهم التموين والمدد من الخارج نهائيا ثم وجهت الضربات الجوية للمدينة بشكل متواصل.
وعجزت القوات الأمريكية عن اقتحام المدينة بعد عدة محاولات لاختراقها من جهاتها الأربع, ما دفعها إلى استقدام طائراتB52 العملاقة وقاذفات أخرى من الخليج، واستمرت القوات الأمريكية في تطوير وتيرة هذا الهجوم، وتصعيده حتى وصل إلى ذروة الوحشية من استخدام الأسلحة الكيماوية، والفسفور الأبيض، إلى القنابل العنقودية، والقنابل فائقة الوزن.
وقد أعلنت القوات الأمريكية آنذاك عن مقتل 1600 مقاوم، واعتقال 1050 شخصا من أهالي الفلوجة، وترك القتلى في الشوارع ولم يقم أحد بإخلائهم، حتى سارت الدبابات الأمريكية تسير فوق جثثهم واستمرت رائحة الجثث المتعفنة لضحايا الهجمات الأمريكية تفوح في العديد من المناطق.
وخرجت الفلوجة عن سيطرة الحكومة العراقية في الأول من يناير عام 2014 على يد أبناء العشائر المنتفضين بوجه المالكي، قبل أن يستغل تنظيم داعش الفرصة، وينزل من مخابئه في صحراء الأنبار قرب الحدود السورية، ويدخل المدينة ويعلن سيطرته عليها.
من أكبر المدن العراقية
وتعتبر مدينة الفلوجة ثالث أكبر المدن العراقية بعد الموصل والبصرة، وكان يقطنها حوالي مليون نسمة قبل الغزو الأمريكي، وهي ذات طبيعة خلابة، إذ يخترق نهر الفرات المدينة، بينما تحدها من الجنوب الغربي بحيرة الحبانية والشمالي بحيرة الثرثار، ومن الشرق منطقة زراعية واسعة تمتد إلى مدينة أبو غريب في بغداد، ومن الغرب منطقة الحبانية السياحية ومئات من الهكتارات الزراعية وبساتين النخيل.
ويغلب على أهلها الطابع الديني القبلي، ويقطنها مسلمون وأقلية مسيحية وصابئة وقد غادرت الطائفتان الأخيرتان المدينة بعد الاحتلال الأميركي واتساع الفوضى والعنف كباقي مدن العراق.
المدينة التي لم يستسلم أبناؤها للقوات الأمريكية إلا بعد سير الدبابات على جثثهم، دخلت فى حربها الثالثة بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيد العبادي بداية الأسبوع الجاري من داخل مقر قيادة العمليات المشتركة بالمنطقة الخضراء في بغداد بدء عمليات تحرير من عصابات “داعش”.
وإن كانت المعركة بين الحكومة العراقية والتنظيم المتطرف وليس مع الأهالي إلا أن هناك تخوفات كثيرة أن يدفع ثمن تحريرها المدنيون خاصة أن هناك معلومات تداولتها وسائل الإعلام عن مجازر محتملة، قد ترتكبها مليشيات الحشد الشعبي بحق أبناء المدينة ذات الغالبية السنية أثناء عملية الاقتحام.