الجمعة , أكتوبر 10 2025
الرئيسية / مقالات / الخطة الجهنمية بقلم : مجدي مغيرة

الخطة الجهنمية بقلم : مجدي مغيرة

من عجائب السيسي وشركاه أنك كي تصدقهم في قولٍ من أقوالهم أو تصريح من تصريحاتهم ؛ فلابد بالضرورة أن تكذبهم في قولٍ آخرَ أذاعوه أو تصريحٍ آخر طرحوه ، إذ العقل السليم لا يقبل أبدا الشيء ونقيضه .

ومن هذه العجائب التي لا تنقضي هو موقفهم من أمريكا .

فقد صرح السيسي كثيرا عقب الانقلاب أنه قام بانقلابه بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية .

وصرح البرادعي ( الحاصل على جائزة نوبل للسلام ) أنه ظل ما يقرب من ستة أشهر كي يقنع الغرب بضرورة انقلاب الجيش على أول رئيس للجمهورية تم انتخابه بإرادة جماهيرية حرة ونزيهة .

وصرح الفريق أحمد شفيق في أكثر من لقاء علني له أنه كان العقل المدبر للانقلاب بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية ، لكن السيسي غدر به وأخذ كرسيَّ الرئاسة لنفسه بدلا من أن يعطيه للمدبر العظيم أحمد شفيق .

ولا ننسى تصريحات وزير خارجية الانقلاب السيد نبيل فهمي في مقابلة مع الإذاعة الحكومية الأمريكية في أول مايو 2014م التي قال فيها :” إن العلاقة مع الولايات المتحدة حيوية” ، مضيفا: “إنها تشبه علاقة الزواج وليست مجرد نزوة عابرة” ، ومؤكدا : ” وأنا أظن أن هذه العلاقة تقوم على أسس قوية ، ولكن في كل علاقة زواج هناك مشاكل تحصل.”

وتنشر جريدة المصري اليوم المؤيدة للانقلاب في 21 مارس 2015 تصريح السيسي لصحيفة “وول استريت جورنال” الذي يقول فيه : “لا يمكن أن نقلل علاقاتنا مع الولايات المتحدة لمستوى أنظمة الأسلحة فقط ، ونحن حريصون على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فوق كل شيء ولن ندير لها ظهرنا حتى إن أدارت ظهرها لنا.”

ومضمون هذه الأقوال والتصريحات هي قوة علاقة الانقلاب بأمريكا ، التي تمده بكل ما يحتاجه من أسلحة وأدوات قمع ، وتعطي الضوء الأخضر لمن يدور في فلكها أن يقدم له المساعدات التي يحتاجها .

وفي مقابل تلك التصريحات والأقوال العلنية الموثقة من جميع الأطراف المشاركة في صنع الانقلاب ، تجد نغمة أخرى عكسها تماما ، لكنها لا تُوجه إلى الخارج أو الغرب ، بل يتم توجيهها إلى المصريين فقط من خلال وسائل الإعلام الناطقة باسم الانقلاب ، ومضمون تلك الرسالة هي عداء الغرب بقيادة أمريكا للسيسي ، وسعيها للقضاء عليه ، وتآمرها مع الإخوان المسلمين ضده وضد مشاريعه التي – لوكُتِبَ لها النجاحُ – سترتقي بمصر وأهل مصر إلى السماوات العُلَا .

وبالطبع حينما تنكشف حقيقة تلك المشاريع الفنكوشية ، ويعاني الشعب مُرَّ المعاناة من الأزمات الاقتصادية الناتجة عن الإدارة الفهلوية لأمور البلاد ؛ تظهر لنا على الفور المبررات ، فالمشكلة ليست في المشاريع ، لكنها في المؤامرات التي يدبرها أهل الشر بقيادة الغرب ضدنا ، واستخدامهم لحروب “الجيل الرابع” و”الجيل الخامس” كي يعيقوا تقدمنا السريع ويوقفوا زحفنا الوسيع .

بالطبع ليس هذا هو حال السيسي وحده ، فمن قبله كان جمال عبد الناصر يهاجم أمريكا المتآمرة على مصر ، بينما كان الشعب المصري يستلم أجولة الدقيق الأمريكي المكتوب عليها : هدية الشعب الأمريكي إلى شعب مصر.

إن الحديث عن المؤامرة عادة ما يدور في وسائل الإعلام حينما تفشل المبررات الأخرى في استغفال الناس ، بالضبط مثلما كانت الأمهات قديما يُخِفْن أطفالهن الصغار بـ “أبو دراع” و”أبو صباع” إذا عجزن عن تلبية رغباتهم وإشباع بطونهم ، ورغبن أن ينام الأطفال حتى يسترحن من بكائهم وصراخهم ، ولا يدرك الأطفال خدعة الآباء والأمهات إلا بعد أن يكبروا ويدركوا حقيقة الأمور ، فهل وصلنا إلى مرحلة النضج والإدراك واكتشفنا الحقيقة ، أم أننا مازلنا نتنازل عن تحقيق رغباتنا خوفا من “أبو دراع” و”أبو صباع” ؟

شاهد أيضاً

نظرات في الإسراء والمعراج.. للإمام الشهيد حسن البنا

نحمد الله تبارك وتعالى، ونُصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته …

تعليق واحد

  1. هارون الرشيد

    مازلنا نتنازل عن حاجاتنا خوفا من ابو دراع وابو صباع والله المستعان

اترك رداً على هارون الرشيد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *