مع تهليل إعلام الانقلاب لما يسمى “التعديلات الدستورية” وتسميتها زورا بـ”الإصلاحات السياسية”، وبالغت “اليوم السابع” فأطلقت عليها “ثورة الإصلاحات السياسية” إلا أن بقية الأذرع القائمة والنائمة تبارت في تطبيق المبدأ الميكيافيلي للدول الفاشلة “إن لم تجد عدوا فاصنع لك عدوا”، لتختفي خلف جدار رهبة الناس منه، فعندما يسرع برلمان الإنقلاب طبخ التعديلات على مقاس سفيههم، هذا يعني أن التعديلات مضمونة بالنسبة للسيسي وأن “معركته” ليست في عرض قوي لبرنامج التعديلات وإقراره، فهو “أكبر مزور عرفته مصر، مشكلته هو ألا يرحل قبل أن يستفيد منها هكذا يقول التاريخ وتشرحه “”DW الإذاعة الألمانية.
“الإخوان” العدو!
وما من شك أن الإخوان لا يعارضون الإنقلاب ولكنهم يرفضونه ويعادون من استحلوا دماء العباد وخربوا البلاد، من أمثال الصحفي الأمنجي أحمد موسى وقال معلقا على دعوات المقاطعة: “جماعة الإخوان زعمت أن تعديل الدستور يدخل الجنة والآن يقفون أمام مصلحة الدولة”! وأشار الى أن ” الشعب المصري سيفصل في أمر التعديلات الدستورية قبل شهر رمضان”.

وينبري علاء الأسواني بحقد شخصي وكراهية للإخوان فهو واحد ممن أيد سفك دماء المعتصمين في “رابعة العدوية” و”نهضة مصر” من أعضاء “الجمعية الوطنية للتغيير”، ليزعم أن “الإخوان بلا وزن ويباركون تعديلات الدستور لمعاقبة الشعب!”، كما جاء في تغريدة له على “تويتر”، يقول “الأسواني”: ” لما حد يدعو للمقاطعة ادخل على حسابه عشان تعرفه .الإخوان مع المقاطعة بحماس .ليه ؟ لان اى تحرك جماهيري سينجح من غيرهم سيثبت ان مالهمش وزن زى ما بيقولوا .ثانيا هم عاوزين التعديلات تحصل وتعدى عشان يعاقبوا الشعب لأنه رفض حكم المرشد الثورة قامت من غير اخوان وتقدر تقوم تاني من غيرهم”!
ويرى مراقبون أن مثل كلام أحمد موسى لا يرد عليه، ولكن مزاعم علاء الأسواني فإن الواقع يكذبها تماما، فالإخوان- بعيدا عن أنهم أصحاب أكبر ثقل سياسي في المعارضة- لا تدخل في اهتماماتهم معركة الدستور أصلا، كونهم لا يعترفون به وبالسلطة التي قامت بتمريره.
كما يرون أن “الاستفتاء” سيتم في اجواء غير نزيهة في التصويت والمراقبة وإعلان النتائج مثلها كما المحطات السابقة التي أفرزت ضمن ما أفرزته “برلمان” عسكري لم يتم انتخاب أعضائه بطريقة ديمقراطية وإنما اختارت المخابرات أفراده (في شكل صناديق ومراقبين ممن ثبت ولاؤهم للعسكر) واقتَصرت عضويته على المؤيدين للسيسي كما أن نتائج الاستفتاء الشعبي للمصادقة النهائية عليها معروفة مُسبقًا، إن لم تكن قد تحددت بنسبة المُؤيدين قبل شهرين.
مقاطعون غير إخوان
غير أن اللافت أن أطيافا من المصريين رأت المقاطعة صلاحا في مواجهة الاستبداد الذي أكدته “أسوشيتد برس” فقالت “مصر تنزلق إلى الحكم الاستبدادي بعد 8 سنوات من الثورة”.
وأضافت الوكالة أن التعديل الدستوري لتمديد حكم السيسي سيضيف إلى المخاوف بأن البلاد تنزلق مرة أخرى إلى الحكم الاستبدادي بعد ثماني سنوات من الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية والتي أطاحت بحكم حسني مبارك”.
وأبرزت “ميدل إيست مونيتور” دعوة البرادعي المصريين للمشاركة في التصويت بقوة أو مقاطعتها تماما.
وقالت يني شفق إن صحفيين مصريين بدأوا في جمع التوقيعات لطلب التماس ضد تغيير دستوري مقترح من شأنه تمديد المدة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات، ويقول معارضو هذه الخطوة إن التغييرات المقترحة إذا تم تنفيذها ستؤدي “لإعادة البلاد إلى الوراء”.

دون مناقشة
ومن بين المعلومات التي توافرت لدينا من مصادرنا أنه بعد 24 ساعة من إرسال التعديلات إلي اللجنة العامة بمجلس نواب الانقلاب (تتألف هذه اللجنة من رئيس البرلمان ووكيليه ورؤساء اللجان النوعية وممثلي الهيئات البرلمانية للأحزاب وخمسة نواب بينهم نائب مستقل) وافق أعضاء اللجنة بأغلبية تفوق الثلثين على التعديلات دون مناقشة، ومن المتوقع أن يقرها “برلمان” الانقلاب ككل خلال أيام وتطرح للاستفتاء الشعبي قبل رمضان 6 مايو.
وتتضمن التعديلات المقترحة 21 تعديلا، إضافة لـ8 مواد جديدة، وإدخال تعديلات على فقرات بـ 11 مادة، وإلغاء المادتين (212 -213) الخاصتين بإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
تعليمات للصحف
ومن بين توجيهات الرقباء العسكريين المقيمين بالشؤون المعنوية ومقار المخابرات؛ للصحف بحسب المصادر فإن الصحف نشرت خبرا وهميا، عن أن اجتمع تحالف الأحزاب المصرية بحضور نحو 40 حزبًا سياسيًا، أعلن مساء الثلاثاء، تأييد الأحزاب لمقترح التعديلات الدستورية (أحزاب وهمية).
وأكدت المصادر ان كل جرنال مسموح له ينشر خبر واحد فقط يملي عليه عبر “الواتس أب” عن تعديل الدستور في الصفحة الأولى وممنوع الحوارات والملفات والأعمدة ومقالات الرأي والحملات والدراسات والمقارنات، بحسب صحفيين في الصحف الحكومية والخاصة التي تديرها المخابرات الآن.
من رئيس إلى ملك
التعديلات الدستورية تُحول مصر إلى “ملكية عسكرية” والسيسي مغتصبا للرئاسة مدى الحياة.الطريف أن “الخبير” سمير غطاس نائب الإنقلاب اقترح في بيان صحفي أن يتحول السيسي من “رئيس” إلي “ملك” واعتماد نظام “الملكية الدستورية” في مصر حيث يملك الملك ولا يحكم”، وتغيير نظام الحكم من النظام الرئاسي إلى البرلماني، لتداول السلطة سلميًا بين الأحزاب.
رغم أن “غطاس” قانوني ويعلم أن المادة 226 تنص على: “وفي جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة مالم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات»، تمنع تعديل الدستور ومع هذا يبررون الضمانات بان ما يحدث لصالح المواطن الغالي علينا كما قال رئيس نواب الانقلاب”.
أما “السياسي” معتز عبدالفتاح الذي تفرد له مساحات على شاشات فضائيات الإنقلاب قال لـ”وائل الإبراشي”: إن تمديد فترة الرئاسة لــ 6 سنوات أمر يتناسب مع دولة بحجم مصر، لافتًا إلى أن الاقتراحات للتعديلات الدستورية ستعطي عبد الفتاح السيسي استثناءً، لكي يتولى فترتين رئاسيتين مرة أخرى، مدة كلًا منهما ست سنوات.
وجاء في مانشيت “الوفد”: اللجنة العامة بـ”النواب” توافق بالأغلبية على التعديلات الدستورية”، وهو ما أكدته الصحافة العبرية فقالت “تايمز أوف اسرائيل” نقلا عن رئيس البرلمان علي عبد العال قوله إن “ثلثي المجلس المؤلف من 596 عضوا أيدوا التعديلات المقترحة, وقد يُسمح للزعيم البالغ من العمر 64 عاما بالترشح لفترة رئاسية ثالثة ورابعة مدة كل منها ست سنوات، ومن المحتمل أن يمتد حكمه إلى عام 2034”.