تشن الإمارات حربا على الحركات الإسلامية في العالم العربي، وعلى رأسها الإخوان المسلمون، كما تواصل تحقيق هذا الهدف عبر التدخل في ليبيا وباقي البلدان العربية الإسلامية، لاجتثاث “الإسلام السياسي” و”الربيع العربي”.
ونشرت صحيفة “موند أفريك” الفرنسية مقالا، تحدثت فيه عن الاهتمام الذي توليه الإمارات العربية المتحدة بليبيا، الذي لا يعتبر وليد اللحظة بل يعود إلى أيام نظام معمر القذافي.
وذكر الكاتب أنه بعد مضي بضعة أشهر عن هذه العملية، شنت الإمارات غارة جوية عبر قوات خاصة أغلب عناصرها من الإماراتيين استهدفت مخيما “إسلاميا” في مدينة درنة.
وتندرج هذه الغارات الجوية الإماراتية في ليبيا، التي استنكرتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية المتدخلة في ليبيا، في إطار تشنج العلاقات بين الإمارات والسعودية والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، وقد أقدمت هذه الدول الخليجية على استدعاء سفرائها من الدوحة ووجهت لقطر تهم متعلقة بدعم أنشطة الإخوان المسلمين في الدول العربية.
وأفاد الكاتب بأن الإمارات اعتقلت نحو 30 مواطنا ليبيا مقربين من الإخوان المسلمين، علما وأنه قبل ذلك بعدة أشهر، تمت إدانة نحو 20 مصريا و10 إماراتيين والحكم عليهم بالسجن لخمس سنوات، على خلفية اتهامهم بمحاولة تأسيس فرع محلي للإخوان المسلمين.
وتجدر الإشارة إلى أن الصراع في ليبيا احتدم بين الدول التي تدعم الإخوان المسلمين، وهي قطر والسودان وتركيا، وبين الدول التي “تطارد” الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم الإمارات.

تنافس غير شريف
واعتبر تقرير آخر لمجلة “إنسايد أرابيا” الأميركية نشر مطلع ديسمبر الجاري أن استمرار الدعم الإماراتي للجنرال الانقلابي خليفة حفتر يعمل على استمرار الفوضى في ليبيا ويقوض جهود التوصل لحل سياسي في البلاد التي تعصف بها الصراعات منذ أكثر من خمس سنوات، رغم التصريحات الرسمية الإماراتية عن دعم التوصل لحل سياسي في ليبيا.
وقال المجلة إنه منذ سقوط “معمر القذافي” عام 2011، لم يحقق الليبيون أحلامهم في الحرية والأمن، ولا توجد سلطة تسيطر بشكل كامل على البلاد. وتنقسم السلطة بين حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة بقيادة “فايز السراج” ومقرها في العاصمة طرابلس، وما يعرف بـ”الجيش الوطني الليبي” المنافس بقيادة القائد العسكري “خليفة حفتر” ويتمركز شرق البلاد. وولد الفراغ في السلطة في البلاد الغنية بالنفط حالة من التنافس بيم العديد من الفصائل الأخرى مثل “الإخوان المسلمون” والجماعات السلفية وحتى الميليشيات المسلحة.
تقرير الجارديان
وكشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية، عن رسالة بين الممثل الخاص والرئيس السابق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، برناردينو ليون، الذي أبلغ وزير الخارجية الإماراتي، في رسالة عبر بريده الإلكتروني كُشف عن محتواها سنة 2015.
وتطرق الكاتب إلى أن أبو ظبي كانت نشطة على الصعيد الدبلوماسي أيضا. وكشفت عن نية بن زايد في “كسر” التحالف بين التجار الأثرياء في مصراتة وبين “الإسلاميين”. كما تحدث ليون عن “نزع الشرعية” عن المؤتمر الوطني العام.
وذكر الكاتب أن الإمارات تواصل خرق الحظر المفروض على الأسلحة في ليبيا، بينما تحاول تعزيز قدرات الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر على الصعيد العملياتي، من خلال التعاون مع روسيا. وقد عملت أبو ظبي على تقديم خليفة حفتر للولايات المتحدة على أنه أفضل شريك لمكافحة “الإرهاب” في ليبيا، ولكنها في الحقيقة تعمل على عزل “الإسلاميين” دبلوماسيا.
اهتمام قديم
وقالت لوموند الفرنسية إن الاهتمام الإماراتي بليبيا ظهر مباشرة بعد رفع العقوبات الدولية التي سلطها مجلس الأمن على ليبيا خلال شهر سبتمبر سنة 2003، وبعد رفع الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية التي كانت قد فرضتها على ليبيا في زمن القذافي سنة 2004.
وأضافت أنه تحديدا في 11 أكتوبر سنة 2003، ترأس ولي عهد إمارة دبي آنذاك، محمد بن راشد آل مكتوم، وفدا إماراتيا زار ليبيا لإجراء مباحثات مع معمر القذافي حول قضايا اقتصادية وتجارية.
وبلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية في ليبيا نحو مليار دولار سنة 2008. كما بلغت قيمة الصادرات الليبية، على غرار الوقود المعدني ومنتجات عملية التقطير المستمر، إلى الإمارات نحو 130 مليون دولار سنة 2010.
وأشار إلى تراجع الدعم الإماراتي للنظام الليبي عندما قررت كل من فرنسا والمملكة المتحدة وضع حد لمعمر القذافي سنة 2011. وقد قدمت الإمارات مساعدات مالية لدعم برامج المساعدات الإنسانية الموجهة للاجئين الليبيين في كل من تونس ومصر.
ودعمت أبو ظبي عسكريا جهود التحالف البريطاني الفرنسي عبر إرسال نحو 12 طائرة حربية، بينها ست مقاتلات من نوع “ميراج” الفرنسية، للمشاركة في توجيه ضربات جوية في مسرح العمليات العسكرية في ليبيا، علاوة على تقديم دعم مادي ولوجستي للجماعات الثائرة في ليبيا.