ودعت أهالى قرية العزيزة وسط حزن عميق رجل القرآن وشيخ القرية وقارئها أمس الجمعة الموافق 29 يناير حيث انتقل الى جوار ربه الشيخ محمد نجم وشهرته طعيمة .
وموقع منزلاوى ينشر آخر حوار معه بتاريخ 16 يناير 2013
الشيخ طعيمة .. رجل من أهل القرآن
شيخ قرية العزيزة بالدقهلية وقارئها وإمام أحد أشهر مساجدها
يختم القرآن كل ثلاثة أيام ، وفي إمامة الصلاة كل أربعة أشهر
حفظ القرآن على يد جده ، وتعلم القرآن في جلسات أشبال الإخوان
علم أهالي القرية القرآن في مقرأة استمرت خمسين عاما دون انقطاع
رفض تهديد أمن الدولة ومطالبته بإلغاء المقرأة
اعتبر ما يحدث للإخوان الآن قصة من قصص القرآن نهايتها معلومة
الشيخ طعيمة: يقيني أن الله هو من صنع الثورة وحماها
محمد نجم وشهرته الشيخ طعيمه ، مواليد قرية العزيزة التابعة لمركز المنزلة بمحافظة الدقهلية عام 1925م ، شيخ القرية وقارئها ، وإمام أحد أشهر مساجدها التاريخية ، ومعلم رجالها ونساءها القرآن على مدار أكثر من نصف قرن ، جذب بصوته المصلين ، والتف على مقرأته الشباب.
الشيخ محمد نجم وشهرته طعيمة
*متى حفظت القرآن وعلى يد من؟
حفظت القرآن قبل سن العاشرة ، ومن حسن حظي أن جد أمي وجد أبي كانا أشهر محفظين للقرآن بالقرية الشيخ عبد الرحمن أبو غنيم والشيخ إبراهيم أبو غنيم ، وكنت أحفظ في “الكُتاب” –مكتب التحفيظ- من بعد صلاة الفجر حتى الظهر ثم يستمر من العصر إلى المغرب طوال الأسبوع ما عدا الجمعة.
*وماذا عن الجمعة؟
كان الشيخ أحمد الليثي مسئول الاخوان بالقرية يطلب مني أن أذهب للمنزلة وأحضر جلسات الأشبال لتعلم القرآن والأحاديث كل يوم جمعة في شعبة الإخوان ، وكانوا عاملين حاجة اسمها الجوالة ويلبسوا زي معين ويعملوا نشاطات جميلة جاذبة.
*هل كنت بذلك متفرغا تماما لحفظ وتعلم القرآن؟
كنت في شبابي أعمل بالصيد وأراجع القرآن وأنا راكب الفلوكة ، وكانت بحيرة المنزلة مليئة بالخيرات وكنت أصطاد بيدي من كثرة الأسماك ، وكانت أسرتنا فقيرة فكانت ترسلني للعمل في الصيد ، وحينما يعلم جدي أنني في البحيرة يغضب من أبي وأمي ويصيح فيهم “لا تشغلوه عن القرآن .. ده له شأن كبير” ، لكن في سن 18 سنة انشغلت بالصيد ونسيت حفظي للقرآن ، حتى رأيت رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم يقول لي اقرأ بسم ربك ، فحرصت على قراءة السورة وعاودت المراجعة ويسرها الله لي ، وأعفيت من الخدمة العسكرية لحفظي القرآن.
*كم قراءة تعلمتها للقرآن الكريم؟
حفظت القرآن برواية حفص عن عاصم في العشرين من عمري ، وحصلت على إجازة في قراءة ورش على يد الشيخ إبراهيم نجم عوف ، وكان معي الشيخ أحمد عامر الإعلامي الشهير وكان يأتي خصيصا من الشرقية إلى العزيزة لأخذ الإجازة ، ولم يحصل على الإجازة من بين الطلاب إلا العبد لله والشيخ أحمد عامر ، وتقدمت كقارئ للإذاعة المصرية والتقيت الشيخ الحصري والشيخ عبد المتعال عرفة وأشادوا بحسن تلاوتي لكني لم أوفق في القبول كصوت إذاعي.
* ارتبط اسمك باسم أحد أشهر مساجد القرية “مسجد العجمي” فمنذ متى تؤم الناس بالمسجد؟
صليت إماما بمسجد العجمي على مدار 50 سنة ، وأحرص على ختم القرآن في الصلاة كل أربعة أشهر ، وكان المسجد في أول أمره عبارة عن عريشة من الخشب والجبس وسلم خشبي يستخدم للصعود عليه لرفع الآذان ، وكان بالمسجد “زربية” (ما يشبه الحفرة الكبيرة) يتوضأ الناس منها ويغتسلوا فيها واشتهرت في الماضي بالبركة ، لدرجة أن الأهالي كانوا يعتقدون أنها تشفي الأمراض، ويرسلون مرضاهم للاغتسال فيها ليكتب لهم الشفاء.
وفي أثناء حرب 1967 جاء للقرية عمال بناء ممن هجروا بورسعيد وهم من قاموا بعمليات بناء المسجد وأصبح على هيئته الجديدة الحالية ، وكان المسجد في بدايته خاليا من المصلين وكنت أرفع الآذان وأنتظر طويلا حتى يأتي من يصلي معي ، لكنه الآن ما شاء الله عامرا بأهله ورواده.
* كم تختم من القرآن؟
القرآن يشغلني في يقظتي ونومي ، أختم القرآن مرتين في الأسبوع وأحيانا ثلاثة ، وهذا القرآن
أنقذني من مواقف سيئة كثيرة ، وعصمني ببركة الانشغال به.
*تخرجت على يديك أجيالا ممن تعلموا القرآن في مقرأة المسجد استمرت لنصف قرن دون انقطاع ، متى بدأت هذه المقرأة؟
هذه المقرأة من أعظم آثار المسجد ، وهى لتعلم القراءة والتجويد بأسلوب محبب ومبسط ، ولاقت قبولا عند الأهالي وخاصة الشباب المتعطش للقرآن ، وبداية هذه المقرأة كانت من صنع الله فلم تكن من ترتيبي ، حيث كنت أقرأ وردي القرآني عادة بالمسجد بين المغرب والعشاء حتى جاء من يطلب أن يقرأ معي فرحبت وازداد الناس من حولي فكانت مقرأة استمرت قرابة الخمسين عاما دون انقطاع بفضل الله ، ومن الغريب أن أمن الدولة هددني بالاعتقال لإلغاء هذه المقرأة ، فرفضت وتعجبت من هذا الطلب ، لماذا يريدون إلغاء مقرأة تعلم القرآن! هل في هذه خطر على الدولة!.
*وما تعليقك بعدما تغيرت الأيام وسقط أمن الدولة وصعد الإخوان للسلطة؟
عرفت الإخوان وأنا صغير ، ثم رأيتهم وأنا كبير ووجدت فيهم حسن الأخلاق والوفاء والصدق والاحترام ، وكان الدكتور محمد عامر رحمه الله يرسل لي سيارة لأصلي إماما في مسجد الدعوة بالمنزلة والحاج فؤاد الهجرسي حينما كان يعمل بالتدريس في القرية كان دائم الصلة وشرفني في منزلي. ما حدث للإخوان مثل ما حدث للأنبياء في القرآن ، بعد ما كذبوهم وسجنوهم وآذوهم ، أهلك الله الظالمين ، ويقيني أن الله سينصر هذا الرئيس لأن الله هو الذي صنع الثورة وأجرى سننه كما ذكر في القرآن.
*بعد هذه العقود التي عشتها في رحاب القرآن ، بماذا تختم حوارنا؟
دعائي أن يختم الله لي بالخير ، ووصيتي بعد موتي أن يصلى على الجنازة في مسجد العجمي ويضعوني في القبلة ، ويكفيني من الدنيا معرفة الناس الطيبين ، وأتعشم في الله الخير
.. أتعشم في الله الخير.
رحمة الله عليه .
ما عرفت إلا اليوم بعد أسبوع .
اللهم اجعل القرآن شفيعاً له ونوراً له في قبره .