الجمعة , أكتوبر 10 2025
الرئيسية / مقالات / ذلك يوم..ينتظره كل المصريين بقلم:السعيد الخميسي

ذلك يوم..ينتظره كل المصريين بقلم:السعيد الخميسي

ينتظر الشعب المصري على أحر من الجمر , بل إن شئت فقل يحلمون باليوم الذي يرون فيه وطنهم حرا مستقلا آمنا مطمئنا يأتيه رزقه رغدا من كل مكان . ينتظر المصريون بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي يصير فيه كل الدم المصري حرام , وليس الدم المصري فحسب , بل عرض المصري وماله وشرفه وكرامته وسمعته وارداته . ينتظر المصريون ويحلمون بأن يقدم للعدالة العاجلة كل قاتل , وكل مجرم , وكل معتد أثيم فرط فى دماء أبناء وطنه بل وساعد على إراقته واستنزافه بغير حق . قتل المصريين بالقول والفعل والصمت والإهمال جريمة لن تسقط بالتقادم أبدا . يوم أن يصير الدم المصري رخيصا , يوم أن يكون كل شئ فى هذا الوطن رخيصا وبلاثمن وبلا قيمة . فما قيمة وطن بلا شعب كرامته محفوظة ودماؤه مصونة وأعراضه فى أمن وآمان وسلام ..؟.

* ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي يرون فيه المجرمين مقرنين بالأصفاد فى الدنيا قبل الآخرة . كل من قتل مصريا فهو مجرم . كل من نهب المال العام فهو مجرم . كل من اغتصب الأعراض فهو مجرم . كل من تبين له الحق ثم اعرض عنه ابتغاء عرض من الدنيا رخيص فهو مجرم . كل من عذب مصريا واعتدى على حرمته فهو مجرم . كل من سكت عن نصرة مظلوم وهو يستطيع ذلك ثم آثر الصمت فهو مجرم . كل من استغل منصبه لكسب منافع ذاتية له ولأفراد أسرته وتشبع من مال الدولة فهو مجرم . كل من أحب أن تشيع الفاحشة بين المصريين فهو مجرم .  كل من اعتدى على عرض أنثى وهتك عرضها فهو مجرم . كل من زور أي انتخابات فى الماضي أو الحاضر أو المستقبل فهو مجرم . كل من بلع لسانه عن قول الحق ولو كان مرا مقابل مكاسب سياسية رخيصة فهو مجرم . كل من عذب معتقلا أو مسجونا لاحباره على الاعتراف كذبا وزورا وبهتانا فهو مجرم .

* ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي تحترم فيه إرادته ويقدر فيه صوته الانتخابي فلا يضيع هباء منثورا لسبب أو لآخر . ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي يقر فيه قانونا لمحاسبة الفاسدين مهما كانت مناصبهم من باب من أمن العقوبة أساء الأدب . ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي لايتمتع فيه أى حاكم منتخب بصلاحيات مطلقة شبه إلهية فلا يرد له قرار ولا تراجع له أى كلمة ولايناقش له أي سياسة .  ينتظر المصريون ذلك اليوم الذى يكون لدينا فيه برلمان منتخب من الشعب ولا يحل أو يعطل أو يلغى بجرة قلم رصاص . برلمان قادر على محاسبة الحكومة وسحب الثقة منها إن هى أساءت سلطتها ولم تكن على مستوى المسؤولية وقدر التبعات الملقاة على كاهلها .

* ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي يكون فيه المصريون جميعا سواسية كأسنان المشط أمام القانون والدستور . فلا محاباة ولا محسوبية ولا واسطة ولا كارت توصية ولا أبواب خلفية  ولا تفرقة عنصرية , فتجد أبناء البطة البيضاء يتمتعون بكل مناصب الدولة ويرتعون فى خيراتها ويتلاعبون بثرواتها . أما أبناء البطة السوداء حتى ولو كانوا متفوقين مميزين , فلامجال لهم , ولاحظ لهم , ولاعمل لهم , ولا كرامة لهم . بل يسيرون فى أوطانهم وكل شئ ضدهم . أو كما يقول الشاعر : ترى الفقير وكل شئ ضده ….. والناس تغلق دونه أبوابها . وتراه بمبغوض وليس بمذنب .. . يرى العداوة ولا يرى أسبابها…. حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة خضعت له وحركت أذنابها ….. وإذا رأت يوما فقيرا عابرا … نبحت عليه وكشرت أنيابها . هذا هو حالنا اليوم فى مصر فقد انقسم الوطن إلى أسياد وعبيد .

* ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي لايكون فيه للسلطة التنفيذية أي وصاية على السلطة القضائية . فيأخذ القاضي وقته فى الاطلاع على أوراق القضية التي أمامه بصرف النظر عن اسم المتهم ومنصبه ومركزه فى الدولة . ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي لاتتلون فيه الأحكام القضائية بلون أى سلطة حاكمة . فالسلطة القضائية باقية ثابتة , أما السلطة الحاكمة فهي متغيرة وغير دائمة دوام الحياة . ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي لايقف فيه العالم على باب الحاكم يرجو رضاه ويخشى غضبه وعقابه إن هو لم يلوى له عنق النصوص الدينية لتوافق هواه ومراده . ينتظر المصريون ذلك اليوم الذي يكون فيه الإعلام مسموعا أو مقروءا أو مرئيا , سلطة رابعة حقيقية تمارس مراقبتها الصارمة لكل المسؤولين دون انحراف أو انجراف وراء كل سلطة حاكمة .

* ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو : هل ينتظر المصريون ذلك اليوم بالتمني أم بالعمل ..؟ يحضرني فى هذا الصدد قول الكاتب الساخر جلال عارف ساعة قال ” الشعوب التي تريد التغير وهو نائمة على السرير فلن تغير إلا البامبر ..! ” . وهذا يعنى أنه لابد للأمة أن تتسلح بالوعي السياسي والعلمي والاجتماعي حتى لاتكون مطية يمتطى ظهرها أي سلطة مستبدة وتجر عنقها إلى حيث تريد . إن عالم واحد أخطر على الشيطان من ألف عابد . كذلك المواطن المثقف الواعي المتعلم القادر على حماية ثروات دولته من النهب , وإرادة شعبه من التزوير , ومحاسبة المسؤولين على أخطائهم , هو كنز استراتيجي أغلى من الذهب والفضة وكل آبار البترول . هو مواطن تخشاه كل الأنظمة الحاكمة وتعمل له ألف حساب . الشعب القوى المسلح بالعلم والمعرفة والوعي , المحافظ على هويته ولغته وعقيدته وأرضه , أخطر على أعداء الأمة من القنابل النووية والصواريخ العابرة للقارات لان المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . الشعوب الغثائية هي التي يجرفها سيل الطغاة المستبدين إلى قاع البحر.

شاهد أيضاً

نظرات في الإسراء والمعراج.. للإمام الشهيد حسن البنا

نحمد الله تبارك وتعالى، ونُصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *