وهل نحن خير من أصحاب محمد؟!
13 يناير، 2016
إسلاميات, تربوى, مقالات
454 زيارة
أحمد عشري يكتب: وهل نحن خير من أصحاب محمد؟! 13/1/2015
يعاتبني على هدوئي في هذه الازمة التي يراها عاصفة داخل صفوف جماعة الإخوان المسلمين سائلا عن سبب ذلك,
فأجبته:
لقد اختلف من هم خير وأكرم على الله منهم, ومرت المحن, وعبرت بالأمة أزمات أشد من ذلك وما زادتهم إلا شدة وصلابة. ألم تسمع ببيعة سقيفة بني ساعدة؟ ألم ترَ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقد ارتفعت أصواتهم, ولم يدفن رسول الله بعد, وهم يتعاركون على من يخلفه, فقال الأنصار منا أمير, وقال المهاجرون منا أمير, وكاد الأمر أن يتحول الى قتال لولا أن مد عمر بن الخطاب رضى الله عنه يده قائلا لأبي بكر: مد يدك أبايعك, ففعل رضوان الله عليهما, ثم قام المهاجرون فبايعوه, ثم تبعهم الأنصار رضوان الله عليهم أجمعين, وفي غياب كبار صحابة النبي رضى الله عنهم. فلماذا إذًا الانزعاج من خلاف حول رؤى وآليات وضوابط للعمل ستحسمها الشورى والمؤسسية؟
ألم تسمع أخي الحبيب بخلاف الصاحبيين الجليلين؛ خير رجلين بعد رسول الله؛ أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما حول قتال المرتدين حتى أمسك الصديق رضى الله عنه بتلابيب عمر ونهره وقال له قولته المشهورة (أجبّار في الجاهلية خوار في الإسلام يا عمر)؟ فلم الانزعاج إذًا من خلاف في مرحله حرجة في تاريخ الأمة ربما لم تمر بمثلها في المائتي عام الأخيرة؟
وإليك ألاشد والأدمي للقلب والعين؛ وهي معركة الجمل بين عليّ رضوان الله عليه وأصحابه وبين طلحة والزبير رضوان الله عليهما وأصحابهما وفيهم أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليهم أجمعين, وقُتل طلحة والزبير ونفر من أصحاب النبي في هذه المعركة, وهم الصحب الكرام, وخير من مشى على الارض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أصحاب بيعة الرضوان الذين قال الله فيهم (لقد رضى الله عن المؤمنين إذن يبايعونك تحت الشجرة) والذين زكاهم الله ورفع قدرهم ومازلنا وسنظل نترضى عليهم جميعا إلى قيام الساعة, فهم بشر ليسوا ملائكة ولا معصومين.
بل الأشد ما كان في معركة صفين بين جيشٍ على رأسه أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضى الله عنه وجيش على رأسه معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنهما والتي قتل فيها من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم أجمعين عدد جم من خيرة الأصحاب والقراء لخلافٍ في الرؤى وإشعالٍ لنار الفتنة من المنافقين, فلم الانزعاج إذًا من خلاف لم يتعدَ الاقوال والبيانات والفضائيات؟
إننا معذورون جميعا بأننا في وقت المحن الشديدة قد ننسى هذه الثوابت والأصول؛ فقد نسيها من هو خير منا؛ عمر بن الخطاب رضى الله عنه, عندما علم بوفاة رسول الله فأشهر سيفه قائلا (من قال إن محمدًا قد مات قطعت رأسه) حتى صعد المنبر أبو بكر رضى الله عنه وتلا قول الله عز وجل ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين ) فجثى عمر على ركبتيه قائلا كأني أسمعها لأول مرة.
يا أيها الإخوة؛ لسنا بدعًا من الناس, وليس الخلاف على منصب أو مغنم كما يدعي البعض, فأي مغنم هذا الذي ينتهي بصاحبه إلى حبل المشنقة؟! وليس هو صراع بين الأجيال أو الشيوخ والشباب, لأني أشهد الله أن الدكتور محمد بديع قال بلسانه في إحدى لقاءاته إنه والمهندس خيرت والدكتور مرسي والدكتور عزت قد صوتوا بـ”لا” على خوض الانتخابات الرئاسية, بينما كثير من الشباب قد صوت بـ”نعم”, بل عندما أخذوا رأي الصف في خوض الانتخابات الرئاسية كان المصوتون بنعم ضعفي المصوتين بلا وأغلبهم من الشباب, وإن كنا نحمّل هؤلاء القادة مسئولية قرارات الرئيس واختياراته بدءًا من تعيين السيسي وزيرا للدفاع فإني اشهد الله أن سمعتها بأذني من الدكتور محمود حسين أنهم فوجئوا باختيار الرئيس للرجل, وليس للمكتب أي دخل في ذلك فليسئل الرئيس عندما يعود الينا بإذن الله عن ذلك.
أما أنا فإني والله من أكثر المطالبين بإجراء انتخابات على كافة المستويات وفي كل الأقطار ليختار الإخوان في هذه المرحلة من يقودهم؛ شابا كان أو شيخا, بل إنني وغيري من صف الإخوان شاركنا في إعداد مسودة بلائحة جديدة تلبي مطالب الصف وقدمت إلى اللجنة المشكلة من مجلس الشورى لتعديل اللائحة تمهيدا لاعتمادها من المجلس الذي بدوره سيدعو إلى انتخابات على جميع المستويات.
وأذكركم إخواني بمقولة الإمام البنا رحمه الله: (إنكم لن تهزموا أبدا من قلة عددكم, ولا من ضعف وسائلكم, ولا من كثرة خصومكم , ولا من تآلب الأعداء عليكم ولو تجمع أهل الأرض جميعا ما استطاعوا أن ينالوا منكم إلا بما كتب الله عليكم, ولكنكم تُغلبون أشد الغلب وتفقدون كل ما يتصل بالنصر والظفر إذا فسدت قلوبكم, ولم يصلح الله أعمالكم, أو إذا تفرقت كلمتكم واختلفت آراؤكم .
أما ما دمتم على قلب رجلٍ واحد متجهٍ إلى الله تبارك وتعالى آخذ فى سبيل طاعته, سائرٍ على نهج مرضاته فلا تهنوا أبدا ولا تحزنوا أبدا والله معكم ولن يتركم أعمالكم.