الجمعة , أكتوبر 10 2025
الرئيسية / مقالات / صالح المختار يكتب: لم يعرف الدعاة راحة غير الجنة

صالح المختار يكتب: لم يعرف الدعاة راحة غير الجنة

أخي الثائر .. أختي الثائرة

تهب علينا نسائم وروائح ثورة يناير المباركة ، ينظر الله إلينا وإلى أعمالنا وما نقدم من جهد وطاقة ، فحرياً بنا أن نكون محل نظر الله عز وجل ، ولا يخفى على أحد ما قرره العلماء على أن ما نقدم من جهد وطاقة من أعظم القربات سواء كان جهاد بالكلمة أو الموعظة أو الحركة حتى نعلي كلمة الله في الأرض حتى تكون هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .

تأتي هذه النسمات ومنا من ينشغل بنفسه أو ينظر إلى طول الطريق يستبطئ النصر ، ربما ينظر إلى الحراك على انه ضعيف دون النظر أن الجهود لو اصطفت لأصبحنا قوة كبيرة لا يستهان بها.

أخي الثائر .. أختي الثائرة ، أعلم أن الكلام في زمن السكوت يمثل فعل كبير ، ازرع الخير وانشره بين الناس وكن مفتاحا للخير ودل الناس عليه وخذ بأيديهم إليه ، وكن للمتقين إماما وفي صفوف الجنة اماما حتى يرتفع وعي المجتمع.

أخي الثائر .. أختي الثائرة ، إن الكسل إذا تمكن من الأخ أصاب دنياه وآخرته ، ويفقد الكسول بمرور الزمن انسانيته حتى يضمحل وتبدد انسانيته ، يقول الامام أبي راغب الأصفهاني “من تعطّل وتبطّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى، ولأن الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية، فكل هيئة، بل كل عضو تُرك استعماله يبطل، كالعين إذا غمضت، واليد إذا تعطلت، وكما أن البدن يتعود على الرفاهية بالكسل ، كذلك النفس تتعود بترك النظر والتفكر، مما يجعلها تتبلد .. وترجع إلى رتبة البهائم”

إن داء الكسل لا يبالي .. أصاب شيخا أوشابا ، رجلا أو امرأة ، صاحب الدين أو صاحب لهو ، وصدق ابن القيم  حين قال: “كُلُّ مُجِدٍّ فِي طَلَبِ شَيْءٍ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ وَقْفَةٌ وَفُتُورٌ”

أناشدك أخي وأختي ألا تستغرق مع نفسك وأفكارك وقت طويل قم وانفض غبار الكسل واعزم على الجد ولا تستقل جهد وإن كان قليل فإن أول الغيث قطره ، وردد مع اخوانك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ” متفق عليه ، يقول الشيخ المناوي “أدومها”  أي أكثرها ثوابا أكثرها تتابعاً ومواظبة.

ارفع شعار مع إخوانك ، ما قاله الله تبارك وتعالى لموسى وأخوه هارون عليها السلام ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾ ، قال ابن عباس في التفسير “لا تبطئا” وقال بن زيد “الوانى الغافل المفرط” ، يقال: ونى فلان في هذا الأمر وعن هذا الأمر إذا ضعف. والونى الفتور في الأعمال والأمور ، فالأمر الرباني هنا بعدم التكاسل عن الذكر والغفلة ، نعوذ بالله من ذلك ، شبك يدك ويدكِ ولا تنتظرا فأنتم معقود عليكم الآمال الكبيرة.

اخي – أختي إن ما يحدث للدعوة والدعاة من معسكري الشرق والغرب والنظام الاستبدادي العسكري ، من تقسيم واعتداء على الأرض والعرض ،واستهزاء بكل القيم واحتكار لهذا الدين العظيم وأهله يتوجب علينا أن نتحرك ونعمل ليلا ونهارا حتى نزيح الباطل وننتصر لمبادئنا وقيمنا.

لذا أخي كن خفيف النوم سريع الحركة  واسمع إلى الامام الزمخشري في ربيع الأبرار “التعبد يثقل على أهله كثقله في الميزان ، والكسل يخف على أهله كخفته في الميزان”

أخي – أختي .. يقول الامام الشافعي في ديوانه وهو يمثل السكون كالماء عندما يتوقف عن الجريان فيفسد. ويجزم بأن الأسد قد يتعرض للهلاك لو لم يتحرك باحثاً عن فريسته ، وكذلك السهام لولا تحركها من الكنانة الى القوس ومن القوس إلى الهدف ما أصاب ، ثم يبالغ الامام في بغض السكون وحب الحركة بتمثيله لحالة الناس من الملل المؤكد لو أن الشمس بقيت دائمة في مكان واحد فيقول:

اني رأيت ُ وقوف َ الماء ِ يُفسِدُه ُ                ان ساح َ طاب َ وان لم يجر ِ لم يطب ِ

والأُسد ُ لولا فراق ُ الأرض ِ ما افترست        والسهم ُ لولا فِراق ُ القوس ِ لم يُصب ِ

والشمس ُ لو وقفت في الفلك ِ دائمة ً          لملَّها الناس ُ من عُجم ٍ ومن عرب ِ

واعلم أخي  – أختي أن الحركة والسعي لدين الله سبحانه وتعالى هي البر وأقصر طريق إلى الجنة ورضى الله سبحانه وتعالى وهذا منتهى غاية الداعي.

إن ما يعين على الحركة وعدم السكون ، الدعاء والالتجاء إلى الله وهما من أكبر المعينات على الحركة ، عمر رضى الله عنه عندما تولى الخلافة صعد المنبر وأثنى على الله فدعا فقال “اللهم إني ضعيف عند العمل بطاعتك فارزقني النشاط فيها والقوة عليها بالنية الحسنة التي لا تكون إلا بعزتك وتوفيقك” ، إذا رأيت من نفسك ضعف وفتور فادعوا الله سبحانه وتعالى فمنه المدد والاستعانة. احسن اللجوء إليه وادعوا كأنك غريق تريد أن تنجو فهو المعطي والمنجى “يأت عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغريق”

شاهد أيضاً

نظرات في الإسراء والمعراج.. للإمام الشهيد حسن البنا

نحمد الله تبارك وتعالى، ونُصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *