لماذا فعلتها تركيا ؟ بقلم :محمد عبدالرحمن صادق

إن ما سأقوم بذكره في السطور التالية بخصوص مشاركة تركيا في عملية إطفاء النيران التي اندلعت في إسرائيل ما هو إلا رأياً شخصياً وتحليلاً للمشهد في ضوء ما يتم من أحداث في المنطقة .

1- مشاركة تركيا في إطفاء الحرائق جاء بناء على طلب سياسى رسمى عالمى يعتبر فى عرف السياسة استغاثة انسانية للمساعدة فى الكوارث ولا يمكن دبلوماسياً رفض الطلب او تجاهله وإلا سيكون هناك ردود أفعال دولية قاسية أشد من انتقادات المشاركة

2- النيران ربما تسبب لإسرائيل خسائر كبيرة ولكنها لن تقضي على إسرائيل نهائياً .

3 – شاركت تركيا أم لم تشارك فكل الدول على استعداد للقيام بهذا الدور وحينها سيسلط الضوء على تركيا بأنها دولة عنصرية وداعمة للإرهاب ………….. الخ

4- هذه الخطوة ربما تفتح قنوات للحوار أو تمهد له من جانب الموقف الإسرائيلي المتعنت وتصب في مصلحة القضية الفلسطينية وخاصة أن موقف تركيا العدائي بالنسبة لإسرائيل معروف سلفاً .

5- تركيا من صالحها تحسين صورتها الدولية حتى لا تبدوا وكأنها تتخذ مواقف عدائية على طول الخط فهي بهذه الخطوة تقطع الطريق على من يهاجمونها من هذه الوجهة وخاصة من يقفون ضد انضمامها للاتحاد الأوروبي . فلو فعلت تركيا عكس ذلك لكان الهجوم أشد ولكان ذلك مُبررا لاتخاذ إجراءات قمعية ضدها لتحجيمها كدولة في طريقها لمنافسة الدول الكبرى . فليس من الإنصاف أن أطالب طرفاً واحداً ( تركيا ) بتلقي كل الطعنات وحده ونحن نشاهد ونحلل فقط .

6- لغة السياسة ليس فيها عداء أبدي ولا مصالحة أبدية ولكن هناك حسابات سياسية لكل دولة بما يتفق مع مصالحها الخاصة . ففي السياسة تضطر في بعض الأحيان إلى قبول خسارة موقف حالي لتحقيق مكسباً مُستقبلياً أكبر وخاصة أن الجولة لم تُحسم بعد .

7- المشاركة التركية قرار ( سياسي ) بحت وبميزان من يبحث عن مكسب سياسي أعتقد انه صحيح وخاصة ان تركيا رسخت أقدامها في الجوانب الأخري عندما ساعدت ( أهل غزة – أهل سوريا – والمصريين المطاردين ………. الخ ) في وقت لم يفعله غيرها .

8- تركيا تتعامل مع العالم على أنها دولة عظمى وتريد أن تكسب مساحة في هذا الجانب وتفرض موقفها وشرعيتها الدولية .

9- أتفق تماماً مع من يقولون بأن العداء بيننا وبين إسرائيل عداء ( عقائدي ) ولكن أرد وأقول لقد كان عداء النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود في المدينة عداء عقيدة أيضاً وبالرغم من ذلك شكَّل معهم دستورا للمدينة ووضع فيه حق الدفاع المشترك وظل الأمر سارياً حتى مكَّن الله تعالى للمسلمين وعندما حدثت الخيانة من اليهود تم اجلائهم من المدينة .

10- تحليل الأمور لا يجب أن يكون سطحي ولا عاطفي ولا من أجل المكيدة السياسية بل يجب أن يكون تحليلاً عقلانياً مُنصفاً شاملاً .

– هذا الكلام خاص بتركيا – حيث أن موقفها هذا جعلها في مرمى نيران من يكيلون لها العداء على طول الخط – ولا يجب إسقاطه على مصر أو جيرانها لأن بينهم وبين إسرائيل تاريخ حافل من العداء والحروب لا يمكن معه تطبيع العلاقات .

اللهم بصرنا بعواقب الأمور حتى لا يشمت فينا عدو ولا يُساء بنا صديق