أبو عبدالله الأمين يكتب : الإخلاص … سر وتأمل وعلاج وعمل

اللهم أخلصنا لوجهك الكريم

الإخلاص: هو .. سرٌّ بين العبد وربه لا يطَّلع عليه ملك فيكتبه .. ولا شيطان فيفسده .. ولا هوىً فيميله …. تأمل ما قرأت تأملاً عميقا.

والاخلاص: هو .. إفراد الحق سبحانه بقصد العبادة، وتصفية الفعل من ملاحظة المخلوقين. قال تعالى ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ(5)﴾ البينة.

والإخلاص : هو امتلاء القلب بالله؛ ليكون دائم التأمل في الخلق عميق التذكر للخالق، لَهَّاجاً بالتسبيح لذي الجلال والإكرام، وحاشانا أن تفرغ قلوبُنا من ربنا ومولانا؛ فذاك لا يعني إلا الامتلاءُ بغيره، والاشتغالُ بَعْضَ الوقت بسواه ، وهذا عين الغفلة عنه وهو جل جلاله ينهى عن ذلك بقوله ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)﴾ الكهف.

والإخلاص: هو .. عمل القلب ، الذي يراد به وجه الله تعالى؛ وعلاج داء الغفلة مكنون في مداومة ذكره .. في كل الأماكن وجميع الأوقات، قال تعالى ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)﴾الروم، واستخرج أنت الاشارات إلى الأزمنة والأماكن، وتدبر كذلك ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)﴾ الأحزاب.

والإخلاص بعد ذلك .. هو كلمة التوحيد ، ينطقها صاحبها في حال صدق مع الله ، ومن ورائها قلب مُخْبِتٌ أوَّاب، لا يشغله حال الناس من حوله مَدَحُوا أو ذَمُّوا، ما دام قد أرضى ربه، وسيدخله جل جلاله في معيته وتحت سلطانه حيث يقول ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ ، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾

حاول أن تخلو بربك تناجيه في جوف الليل تجد أنسك به وراحتك معه، ولعل الْتِذَاذَ حال المناجاة بهذه الصورة أن يستتبع أحوالا أخرى منها الإخلاص فالقرب فانكشاف الحجب والأستار.

آمين .. آمين .. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم