الخميس , أكتوبر 9 2025
الرئيسية / إسلاميات / كونوا ربانيين .. بقلم أبو عبدالله أمين

كونوا ربانيين .. بقلم أبو عبدالله أمين

قال الله تعالى يهيئ نبيه صلى الله عليه وسلم للقيام بمهام الدعوة ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)﴾.
واستجاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقام الليل حتى تورمت قدماه ، ورتل القرآن حتى صار سراجاً منيرا ، وانقطع لربه في تبَتُّلٍ أوَّب ، أَوْبَ عبدٍ تقول خلجات نفسه ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾ الأنعام .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة ــ كان شأنه صلى الله عليه وسلم أول الأمر ، الخلوة في غار حراء ؛ للتأمل في الكون وخالقه ومدبر أمره ، ولعل لنا في قيام الليل لنا أو منا ما يصنع ذلك ، مما يُعِدُّ النفس لتحمل العبء الثقيل ، عبدَ دعوةٍ ، يدعو عباد الله لدين الله على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك .. نتمكن من الإجابة على مثل هذه الأسئلة:
من الذي خلق هذا الكون بمفرداته المعقدة ؟
من الذي يدبِّرُ شئونها على هذا النسق البديع ؟
من أنبت المحبة .. وأخرج الشجرة .. وأطلع الثمرة؟
من الذي رفع السحاب وسيَّرَه؟
من الذي خزن الماء فوق رؤوسنا، ثم أساله قَطْراً وأنزله؟
من الذي جعله ينزل قطراً ولا ينزل دَفْقاً؟
ويكون الجواب … إنه العلىُّ القادر الكبير.
من فوائد قيام الليل: مجاهدة النفس أن تتملكها وسائد الراحة، وتدريب النفس على الصبر وهو من أشد أنواع التدريب ، والصبر يبعث اليقين في نصر الله المكين ، وهو من أسرار عناية الله في قرآنه بصلاة الليل ، قال تعالى ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)﴾ الاسراء ، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16)﴾ والاحسان في ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)﴾ الذاريات ، وفي الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم «عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى الله تعالى ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد» صحيح رواه الترمذي والبيهقي.
روى الحس أن النبي صلى الله عليه وسلم «مرَّ برجل يقرأ آية ويبكي فقال: ألم تسمعوا إلى قول تعالى ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ .. هذا هو الترتيل».
أيها السائرون على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم … أيها الداعون إلى الله عز وجل … هذا هو منهج الإعداد للعمل الصواب ولتصويب العمل ، وصولاً إلى الربانية ، فيرزقكم الله إجادة في الأداء ، وجزالة في الأجر ، مع السعادة في الدارين دنيا وآخرة.
اسألوا الله فضله وعونه وتوفيقه ، وأقبلوا بقلوبكم على طاعته وتعايشوا مع أفعال الأمر في هذه الآيات: قم .. ورتل .. واذكر وتبتل .. واصبر .. واهجر هجراَ جميلا .
والله الموفق والمستعان
أ هـ

شاهد أيضاً

نظرات في الإسراء والمعراج.. للإمام الشهيد حسن البنا

نحمد الله تبارك وتعالى، ونُصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *