ناقش عدد من النشطاء والمراقبين حوار رئيس الانقلاب في مصر، عبدالفتاح السيسي، مع رؤساء تحرير عدد من الصحف القومية المصرية، الذي وصفوه بأنه “امتلأ كعادته بالأكاذيب”.
وأشاروا إلى أن أبرز هذه الأكاذيب سبع أكاذيب تمس الرئيس المنتخب محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، والمعتقلين في السجون، وشعور بسطاء المصريين نحوه، وإنجازاته التي وصفها بأنها تفوق الخيال، وزعمه أن القناعة الإسرائيلية بأهمية السلام تتزايد، ومطالبته المصريين بالاطمئنان تجاه سد النهضة الإثيوبي.
فقد تحدث السيسي في حواره عن “أهل الشر”، وبدا من تصريحاته أنه ما زال مصرا على وصف الإخوان بذلك الوصف، واعتبر أن المعركة مع “أهل الشر” في فصلها الأخير.
ذلك، على الرغم من أنه قتل وسجن وفصل ونفى وضيق على عشرات الآلاف من الإخوان والمتعاطفين معهم، في وقت دعا فيه هو نفسه في الحوار إلى مصالحة وطنية بين القوى الفلسطينية تشمل حركة حماس، المحسوبة فكريا على الإخوان.
وتحدث السيسي عن الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، الذي قام بعزله، فوصفه بالرئيس الأسبق، ولخص الخلاف معه بزعمه أن مرسي رفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بشهادة ثلاثة مبعوثين، على الرغم من تكذيب الفقيه القانوني محمد سليم العوا، ورئيس الوزراء في حكم مرسي، هشام قنديل، له، في ما زعم.
ووصف السيسي نفسه أيضا بأنه يقف مع البسطاء، على الرغم من تعرض الطبقة محدودة الدخل، التي تمثل أكثر من نصف الشعب المصري، لإفقار غير مسبوق في عهده.
ونفى وجود معتقلين في مصر، على الرغم من الزج بعشرات الآلاف من الأبرياء في السجون والمعتقلات.
وعلى الرغم من أن أحوال مصر خلال 26 شهرا من حكمه قد تراجعت بشهادة جميع المؤسسات في الداخل والخارج، إلا أن السيسي رأى أن الإنجازات التي تحققت على يديه في تلك الفترة تفوق الخيال.
وزعم أن القناعة الإسرائيلية بأهمية السلام تتزايد.
وقال إن المفاوضات تسير بشكل مطمئن للجميع، ويبعث على الرضا، بالنسبة لسد النهضة الإثيوبي.
ويذكر أن حوار السيسي مع رؤساء تحرير الصحف القومية قد امتد إلى سبع ساعات، ونشرته تلك الصحف كاملا على ثلاثة أجزاء، أيام: الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء.
ولوحظ في الجزء الثالث من حواره، الذي نشرته الصحف، الأربعاء، أن السيسي بدا مستمسكا بالتعبير الذي صكه على جماعة الإخوان المسلمين، التي منح الشعب المصري أعضاءها نسبة الأغلبية الساحقة في جميع الاستحقاقات الانتخابية بعد ثورة 25 يناير 2013، وهو تعبير “أهل الشر”، ممارسا لعبته المخابراتية، في إطلاق حكم تعميمي على المنافس، حتى يسهل القضاء عليه شعبيا، وفق مراقبين.
المعركة مع “أهل الشر” في فصلها الأخير
وقال المراقبون إن السيسي يدرك في قرارة نفسه أن “الإخوان المسلمين” جماعة سلمية معتدلة، ولا يجرؤ على توجيه الاتهام مباشرة إليها بالإرهاب، لكنه يفعل ذلك عن طريق التلميحات، والغمز واللمز، لذلك فقد صك مصطلح “أهل الشر”، للإشارة إلى الجماعة.
وعندما سئل، من رؤساء التحرير: “المعركة مع “أهل الشر” كما تسميهم، أو “جماعة الإخوان الإرهابية” كما نسميها، إلى أين وصلت فصولها؟”.
أجاب: “نحن في مواجهة فصيل ينشر الأكاذيب والشائعات سواء من خلال اختلاطهم بمواطنين أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك أناس مدججون بالسلاح يعملون ضد المصريين، وحينما أحسوا بأن الأمر خرج عن سيطرتهم، وأن الغلبة ستكون للشعب وللدولة، فإن حجم المواجهة والتشبث بالقتال قائم لديهم”.
واستدرك: “لكن هذه المعركة هي في فصلها الأخير، أنا متفائل برغم كل الصعاب، وهناك إيجابيات كثيرة لثورة 25 يناير، ونعمل على تلافي السلبيات”، حسبما قال.
مرسي رفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة
ونفى السيسي أن يكون قد تم الترتيب بشكل ممنهج للانقلاب على مرسي، زاعما أنه طالبه، عبر ثلاثة مبعوثين، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأن مرسي رفض ذلك، على الرغم من أن الفقيه القانوني محمد سليم العوا، ورئيس الوزراء في حكم الرئيس مرسي، هشام قنديل، أكدا أن الأمر لم يحدث، وأن مرسي لم يرفض، ولكنه علق ذلك باتخاذ الترتيبات اللازمة له، حتى لا يحدث فراغ في إدارة شؤون البلاد.
فلدى سؤال السيسي: “تحدثت في بداية هذا الحوار عن استقلال القرار الوطني.. هل هذا الكلام ينطبق أيضا على بيان الثالث من يوليو عام 2013 (بيان الانقلاب) الذي أعلنته باسم الجماعة الوطنية؟”، أجاب السيسي: “قسما بجلال الله.. لم نستأذن أحدا في هذا البيان، ولم نخطر أحدا قبل إعلانه، ولم ننسق مع أحد في القرارات التي تضمنها”.
وادعى أن مبادئ الشرف والعزة والكرامة للمقاتل المصري هي حالة مصرية، مضيفا: “شرف المقاتل هو كبرياؤه الوطني، ويأبى عليه أن يخون، وأن يتآمر”.
وتابع: “شرف المقاتل أنه لا يتآمر ضد الرئيس، ولم يرتب لعزله، وإنما حين اتخذ القرار كان دافعه المصلحة الوطنية وحدها”. وأضاف: “ظللت أقول للرئيس الأسبق (يقصد الرئيس محمد مرسي) حتى عصر يوم 3 يوليو عن طريق ثلاثة مبعوثين أن يقبل بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتحقيق مطالب الشعب، لكنه لم يستجب”.
لا يوجد معتقلون في مصر
وعلى الرغم من اعتقال عشرات الآلاف من المصريين، وقيام السيسي بإنشاء 11 سجنا جديدا بمصر منذ انقلابه الدموي، لاستيعاب تلك الأعداد، ومناشدة الهيئات والمؤسسات الدولية والأممية له، إطلاق سراحهم.. إلا أنه أصر على نفي وجود معتقلين أصلا بمصر.
فلدى سؤاله: “نأتي لقضية حقوق الإنسان، وحريات الرأي والتعبير.. هناك من يرى أن التحديات الأمنية تتغول على هذه الحقوق والحريات؟”.
أجاب: “بشكل قاطع أقول إنه لا يوجد معتقلون في مصر، وإنما محبوسون على ذمة قضايا، ولا يتم القبض إلا على من يقوم بعمل حاد عنيف ضد الدولة، كالإرهاب أو التخطيط لتفجيرات”.
وأضاف: “نحن أحرص على حقوق الإنسان والحريات في بلادنا ممن يتحدثون عنها خارجها. لكن لا بد أن ندرك أن حجم المخاطر من سقوط المؤسسات الأمنية أكبر من تجاوزات قد تحدث في ظل وجود فصيل يحارب الدولة والشعب”، بحسب قوله.
الناس لا غضبانة ولا زعلانة
وأكد السيسي أن غالبية الشعب المصري معه، وتؤيده، بمن فيهم البسطاء، والكادحون ومحدودو الدخل.
ولدى سؤاله: “هل تقابل أناسا عاديين من البسطاء؟”، أجاب بأن “البسطاء بصفة خاصة يذهلونني بفهمهم ورضاهم ودعائهم.. وأقسم بالله أن الانطباع الذي أراه منهم غير الانطباع الذي يتشكل بأن الناس غضبانة أو زعلانة.. أنا بسيط، وهم بسطاء”.
وفي هذا الصدد أشار إلى أن الموقف الذي تأثر به، “هو المجموعة التي كانت تستقل أتوبيسا في الإسكندرية، وتوقفوا حينما شاهدوني، وقالوا لي: ما تخافش.. تأثرت لأني شعرت بأنهم يريدون أن يقولوا: “نحن معك، ومع مصر”، وفق وصفه.
حجم ما أنجزناه خلال عامين يفوق الخيال
وعلى الرغم من أن أحوال مصر على جميع السنوات خلال قرابة 26 شهرا من حكمه قد تراجعت بشهادة جميع المؤسسات في الداخل والخارج، إلا أن السيسي رأى أن الإنجازات التي تحققت على يديه في تلك الفترة تفوق الخيال.
وفي الجزء الثاني من حواره، سئل: “بعد 26 شهرا من توليك منصب رئيس الجمهورية.. كيف ترى الصورة في مجملها بمصر؟”.
فأجاب: “حجم التحدي فوق التخيل، ومسؤولية مجابهته لا تقع على عاتقي وحدي إنما هي مسؤولية المصريين جميعا”.
وأضاف: “أقول بوضوح إن التحدي هائل، وإننا نعيش وقتا من أصعب الأوقات، وإن مستقبل الأمة على المحك. وأقول بتواضع في الوقت نفسه إن حجم ما أنجزناه في مصر خلال عامين يفوق الخيال”، حسبما قال.
وفي معرض استعراضه لإنجازاته ذكر أكذوبة تتعلق بالقضاء على مرض فيروس “سي” الذي يعاني منه نحو تسعة ملايين مصري، فزعم أن “مشروع القضاء على فيروس (سي)، يستهدف النزول بمعدلات الإصابة إلى المعدلات العالمية”.
وأردف: “نحن قد انتهينا من قوائم الأسماء التي تقدمت إلى وزارة الصحة، وتلقى العلاج 800 ألف مواطن، وحدث التفاعل، وتكاتف الناس بالأسلوب المصري الرائع لعلاج المصابين بالفيروس، ما أدى إلى تراجع عدد الحالات بشكل كبير”.
القناعة الإسرائيلية بأهمية السلام تتزايد
وفي الجزء الأول من حواره، الذي نشر الاثنين، جذب النظر دفاع السيسي عن الموقف الإسرائيلي من التسوية السلمية، وزعم أن القناعة الإسرائيلية بأهمية السلام تتزايد.
ذلك، على الرغم من التوجهات والممارسات اليمينية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان.
فلدى سؤال السيسي: “من خلال رؤيتك للموقف الإسرائيلي.. هل وجدتم قدرا من التغير في الموقف الإسرائيلي؟”.. رد بالقول: “أرى أن القناعة بأهمية السلام تتزايد لدى الجانب الإسرائيلي، والقناعة بإيجاد مخرج للقضية مؤشر إيجابي”، وفق زعمه.
اطمئنان لمفاوضات “سد النهضة”
وعلى الرغم من المخاوف الشعبية الهائلة من تأثيرات سد “النهضة” الإثيوبي على حصة مصر من مياه النيل، إلا أن السيسي رأى أن الاكتفاء بالمفاوضات الجارية بين البلدان الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) حاليا هو الحل للأزمة، مع أن الخبراء الدوليين والمصريين يحذرون من أن تلك المفاوضات ما هي إلا وسيلة إثيوبية لقتل الوقت، وإنجاز السد، وتهديد مصر.
وعندما سئل السيسي: “كيف تسير المفاوضات بشأن الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة، والتعاون الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا؟”، أجاب: “المفاوضات تسير بشكل مطمئن للجميع، ويبعث على الرضا، لذا لا بد أن تكون ردود أفعالنا هادئة وواثقة ومطمئنة، لأن مياه النيل ستظل تتدفق إلى مصر وهم واعون لذلك”، حسبما قال.