الشهر الثاني ( الأسبوع الاول )
امتلاك القوة مطلب شرعى و ثوري
فى (رسالة نحو النور) نجد الإمام المؤسس يقول تحت عنوان : (الإسلام والقوة والجندية) : ” وتحتاج كذلك الأمم الناهضة إلى القوة وطبع أبنائها بطابع الجندية ، ولا سيما فى هذه العصور التى لا يضمن فيها السلم إلا بالاستعداد للحرب ، والتى صار شعار أبنائها جميعا : (القوة أضمن طريق لإحقاق الحق) ” .
امتلاك الإرادة
امتلاك الإرادة يسبق امتلاك القوة ، بل إن شئت فقل : إن أول مظاهر القوة هو امتلاك الإرادة ، وامتلاك الإرادة ليس كلاماً يُقال ، ولكنه قرار جرئ تتناغم معه استجابة قوية ، ولا يغنى أحدهما عن الآخر ولا يفيد !!
و امتلاك الإرادة والقرار الجريء ليس مرادفا للتهور بل للنظر والتروي بعد الاستعانة بالله تعالى ، وقد يحتاج القرار الجريء إلى وقت تتضح فيه الملامح ، و يتكشف فيه بعض الغموض .فإذا تجلت الأمور وجب البدء ” فإذا عزمت فتوكل على الله ” فإذا وجدت الإرادة الحقيقية فما بعدها أيسر ،
وامتلاك الإرادة تعنى بالنسبة للقيادة حمل الصف على تنفيذ الخطة بعد وضوحها
و تعنى بالنسبة للصف الاستجابة الفورية لإرادة القيادة ،
فإذا كانت ابرز ملامح الخطة مثلاً هي ” وأعدوا ” فما على المجموع إلا الاستجابة ، كل فرد بما يستطيع ، فالقرآن قال ” واعدوا لهم ما استطعتم ” أي بكل إمكاناتكم حتى يتأهل الصف ليقذف الله به فى وجه عدوه فيدمغه فإذا هو زاهق
أولاً : إعداد القوة فريضة شرعية
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ . سورة الأنفال : الآية : 60
الأمر بإعداد القوة كواجب شرعي يتوافق تمام التوافق مع وجوب التمكين للدين، بل ويشكل المقدمات المناسبة لتحققه، فالتمكين للدين – بما يعنيه من علوٍ لأحكام الشريعة واستتباب الأمر للجماعة المسلمة – يعد هدفا ثقيلا، لا يمكن لحركة التغيير الإسلامي أن تصل إليه من غير أن تكون مالكة للقوة التي تمكنها من ذلك، ومن هنا جاء الأمر الصريح باستفراغ الجهد في عملية إعداد القوة، وبذل كل المستطاع في هذا الاتجاه دون كلل أو ملل، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60].
يقول د. النابلسي فى تفسيره : رحمة الله بالمؤمنين أن الله ما كلفهم أن يعدوا لأعدائهم القوة المكافئة وقد يكون هذا الآن مستحيلاً ، لأن الأمم الأخرى تعد لنا من مئتي عام ، أنواع منوعة من الأسلحة ، فنسمع مثلاً عن قنبلة خارقة حارقة ، ملجأ سقفه من الإسمنت المسلح ، هذه القنبلة تخرق السقف أولاً ثم تنفجر ثانياً فتحرق كل من في الملجأ ، وقد ألقيت هذه القنبلة في حرب الخليج الأولى ، و نسمع عن القنبلة العنقودية ، بدائرة قطرها خمسمائة متر لا ينجو إنسان ، تسمع مرة عن القنابل الفسفورية الحارقة ، القنابل التي تلغي الاتصالات ، القنابل التي تعطل الطاقات ، القنابل التي تفني البشر وتبقي الحجر ، البناء كما هو ، الناس وحدهم يموتون ، أعدوا لنا كثيراً .
أعدوا لنا كل شيء ، في كل أنحاء العالم ، طيران ، أقمار صناعية ، هم يطلعون على أقل حركة في سطح الأرض ، بدل أن نعد لهم أعدوا لنا ، فلما أعدوا لنا ملكوا ناصية العالم ، الآن فرضوا علينا ، الغزو الثقافي الذى يفوق آلاف المرات خطراً من الغزو العسكري . ماذا ينبغي علينا أن نفعل ؟ ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ ، لا تيأسوا ، لماذا ؟
لأن المؤمن معه قدرة الله ، معه علم الله ، المُؤمن يَمُده الله بملائكته ، الله عز وجل حينما وعد المؤمنين أن يمدهم بالملائكة قال : ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ ، أعد ما تستطيع ، لأن الذي تسطيعه مع قدرة الله يفوق قوة العدو مهما كان قوياً . إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ المشكلة أن الناس يقيسون التكليف بوسعهم ، الأصح أن تقيس الوسع بالتكليف ، ما دام هذا الأمر كلفك الله به إذاً قطعاً ضمن وسعك .
ثانيا: من أنواع القوة المطلوب امتلاكها
أولاً؛ القوة المعنوية: تتشكل القوة المعنوية من ثلاثة عناصر أساسية:
1) الإرادة العالية:
لأن الإرادة هي التي تشكل قوة الدافع نحو العمل، فتنقل الإنسان من دائرة الجمود والسلبية إلى دائرة الحركة والإيجابية، وتمكنه من توظيف الإمكانيات التي بين يديه، وعندما تكون هذه الإرادة عالية، بحيث تصل إلى مستوى العزيمة، فإنها تقرب المسافة بين الواقع والأمل، وتذلل الصعاب بفعل الإصرار على الوصول إلى الهدف، وكأنها طاقة تنطلق من الداخل لتدفع – دائما – في اتجاه صناعة القدرة، وهذا بالضبط ما يفتح أمام الجماعة آفاق الاستفادة من كامل المعطيات التي يتيحها الواقع، بعيدا عن نفسية الوهن التي تكبل الطاقة وتلاحق الفكر بالحسابات التشاؤمية.
ومن هنا نفهم لماذا أخضع طالوت جنود جماعته للامتحان قبل الدخول في المواجهة، قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة:249]، لأنه لابد “من قوة كامنة في ضمير الجيش تقف به أمام القوة الظاهرة الغالبة. هذه القوة الكامنة لا تكون إلا في الإرادة. الإرادة التي تضبط الشهوات والنزوات، وتصمد للحرمان والمشاق، وتستعلي على الضرورات والحاجات، وتؤثر الطاعة وتحتمل تكاليفها، فتجتاز الابتلاء بعد الابتلاء.. والجيوش ليست بالعدد الضخم، ولكن بالقلب الصامد، والإرادة الجازمة”
2) البُنية المتماسكة:
تماسك البنية التنظيمية معناه صلابة البناء الداخلي للجماعة، وهو ما يعبر عنه القرآن بالصف المرصوص، قال تعالى: {صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4]. ويرجع هذا التماسك إلى قوة الارتباط بين العناصر، وإلى دقة التنظيم في تشكيل هيكل البناء، بحيث يأخذ كل عضو موقعه المناسب بصدق وثبات. لأن قوة البناء لا تأتي من قوة كل لبنة على حدة، وإنما تأتي من قوة الارتباط بين هذه اللبنات.
وتستطيع الجماعة من خلال تجسيد متطلبات الولاء الإيماني، وتوطيد معاني الأخوة الإسلامية، أن تقوي شدة هذا التماسك، بحيث تنصهر اللبنات في بعضها، وكأننا أمام لبنة واحدة في النهاية، فتكون هذه الحالة من التجانس والانسجام بمثابة صمام الأمان الذي يحول دون أي تصدعٍ في البناء، ومن تم تسلم الجماعة من المشاكل التي تضعف الجبهة الداخلية وتفتح المنافذ للعدو، أو في أقل الأحوال تستنزف الطاقة في الترميم والمعالجة.
لكن تجدر الإشارة إلى أن البنية المتماسكة تحتاج إلى ما هو أكبر من مجرد العواطف الأخوية المطلقة والولاء الإيماني الفضفاض، وإنما لابد مع التفاعل الوجداني من وجود الآليات التي تقلص أسباب الاختلاف، والضوابط التي تنظم العلاقات الداخلية، وتكيفها وفق ما تتطلبه صلابة البنية التنظيمية.
3) الاستراتيجية الجيدة:
الجماعة التي تملك الاستراتيجية الجيدة قادرة على هزم الجيوش الجرارة، وقادرة على إلحاق الضرر بالدول ولو كانت مما يسمى بالقوى العظمى، لأن الاستراتيجية هي التي ترسم الخطوط العامة لخطوات التحرك في اتجاه الهدف، فإذا كانت هذه الخطوط آخذة بعين الاعتبار القواعد العلمية لكيفية استعمال القوة بشكل فعّال، ولكيفية إبطال مفعول قوة الخصم، فإنها تصبح عنصرا مهما في تشكيل قوة الجماعة المجاهدة. بل قيمة هذا العنصر توازي أضعاف القيمة التي تشكلها مفردات بعض العناصر الأخرى، كعدد القوات ونوعية التسليح مثلا.
ثانياً؛ القوة المادية: أما العناصر الأساسية في تشكيل القوة المادية فإنها هي الأخرى ثلاثة:
1) العدد (كيفا وكما) :
يمثل الأفراد القدرة الحيوية بالنسبة للجماعة، وكلما زاد العدد زادت هذه القدرة، مما يساهم في تنامي قوة الجماعة، ويتيح لها مساحات أوسع للفعل، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:62]، وهي إشارة واضحة إلى تأثير العنصر البشري في نتيجة الصراع، وإلى قيمة هذا التأثير التي جعلتها الآية تلي قيمة التأييد الرباني.
بل إن الفكر الاستراتيجي الإسلامي ليستحضر – بشكل دقيق – الجانب العددي في الأفراد، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ) [أبو داوود]. بل وأكثر من ذلك، يأتي القرآن ليزيد على مسألة العدد مسألةَ النوعية {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُون} [الأنفال:65]، وهو ما يعني رعايةَ الرقم باعتبار مواصفات معينة.
2) القوة البدنية
قال الرسول عليه الصلاة والسلام “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير” والقوة البدنية مقدمة لغيرها من أنواع القوى، لذا علينا ان نشيع هذه الروح والتعبئة العامة داخل الصف والبيت
3) التدفق المالي :
فالمال هو عصب القوة كما يقال ، والجهد الثورى إذا لم يكن مسانَدا بتدفق مالي مستمر فإنه إلى الأفول ولاشك، ولعل الربط الذي أقامته آية ( وأعدوا ….) بين الأمر بإعداد القوة والدعوة إلى إنفاق المال يعد واحدا من الإشارات القوية في هذا السياق، {وَما تنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُم} [الأنفال:60]، ناهيك عن الآيات الكثيرة التي تدعو مباشرة إلى الجهاد بالمال. ولقد جاء في الحديث (من جهز غازيا فقد غزا ، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا ) مما يجعل العنصر الاقتصادي حاضرا في المعنى الذي يحمله مفهوم القوة.
الذي يتبين بعد هذه المعالجة السريعة أن مفهوم القوة في التصور الإسلامي مفهوم واضح، بل وقابل للتحديد والحساب، وأنه مبني على الجمع المتوازن بين العناصر المادية والمعنوية، وعلى ديناميكية هذه العناصر، بحيث تتجاوب مع المتغيرات وتستجيب لمتطلبات كل مرحلة بما يناسبها
أمثلة لواجبات عملية للتنفيذ :
١- الورد الرياضى نصف ساعة يوميا
٢- تبرع مالى
٣- التحدث مع ثلاثة من مؤيدى الشرعية عن اللياقة البدنية وضرورة ممارستها
٤- إلزام الأولاد بالورد الرياضى مهما كان صغيرا