بعد أكثر من 460 يومًا في الأقسام والسجون ومقر الأمن الوطني في “لاظوغلي”، أخلي سبيل الناشط إسلام خليل، مساء الأربعاء من قسم شرطة طنطا، محل سكنه؛ لتكتب نهاية لمعاناته.
صحيفة “التحرير” أجرت حوار مع “إسلام” عقب إخلاء سبيله، كشف فيه أسباب حبسه، وكيف نفذ قرار الإفراج عنه مساء الأربعاء الموافق 31 أغسطس، رغم صدوره في 21 من نفس الشهر، ودفع الكفالة المقررة عليه والمقدرة بـ 50 ألف جنيه، فضلا عن حديثه بشأن ما تعرض له من تعذيب.
نص الحوار :
بداية.. حدثنا عن إخلاء سبيلك؟
أنا لسه بتهدد أني متكلمش، ومطلوب مني أروح لهم (الأمن الوطني) يوم السبت المقبل، فأنا خرجت أمس نظير توجهي للقائهم، ومش عارف هروح أعمل إيه؟.. ده نوع من أنواع البلطجة، ومش عارف أروح ولا أهرب.. هشوف المحامين هيقولوا إيه؟
لكن بعد تسليط الضوء عليك من الصعب حبسك مجددًا؟
لأ يقدروا.
كيف تم إلقاء القبض عليك؟
تم إلقاء القبض عليَّ يوم 24 مايو 2105 الفجر، حيث اقتادوني من المنزل إلى مبني الأمن الوطني بطنطا، برفقة والدي وشقيقي نور، ومشفتهمش لأن كل واحد فينا اتاخد في عربية، ومحدش كان يعرف أن التاني موجود”، واستمر حبسي هناك فترة، وبعد ذلك تم ترحيلي على معسكر قوات الأمن في طنطا، واحتجزت هناك أيضًا، وبعد ذلك تم ترحيلى إلى إدارة الأمن الوطني في لاظوغلي، والمهم أني بقيت هناك 122 يوماً من الاختفاء القسري، ولا يمكنني تحديد فترة حبسي في كل مكان نظراً للظروف الصعبة التي مررت بها.
أشرح تفصيلياً أو بالتقريب مدة وأماكن اختفائك قسرياً؟
على سبيل المثال، تم ترحيلي من طنطا في يوم 2 أو 3 يوليو من العام الماضي، من معسكر قوات الأمن إلى مقر الأمن الوطني في لاظوغلي بالقاهرة، واستمريت هناك من 2 يوليو حتى 22 سبتمبر من العام الماضي، بمعدل حبس أكثر من 80 يوماً.
وماذا عن وضع احتجازك داخل مقر الأمن الوطني؟
طول المدة أنا “متغمي ومتكلبش”، وبنفس الملابس اللي تم القبض علي بها من منزلي في طنطا في 24 مايو من العام الماضي.
هل كنت “متغمي ومتكلبش” طوال اليوم؟
“أيوه”.
كيف كنت تأكل وتدخل إلى دورة المياه؟
كنت أدخل دورة المياه بـ”الغمامة”، وكنت في الحمام أرفع الغمامة لمدة “5 دقائق سرقة”، وحال تأخري يطالبني المكلف بحراستي بسرعة الخروج، ويعد لرقم ثلاثة، ثم يقتحم عليَّ الحمام.
كم عدد الأفراد المتجزين معك في الغرفة؟
“مافيش غرف.. أنا كنت متكلبش في طرقة، وفي أمن الدولة اللي متكلبش في الطرقة، واللي متكلبش جمب طفاية الحريق، واللي متكلبش بجوار حيطة، وأنا كنت متكلبش إيديه الاثنين في بعضهما، وكنت مرمي على الأرض، بس رجلي مربوطة، وتتفك لما كنت أدخل دورة المياه فقط”.
كم عدد مرات دخلوك الحمام في اليوم؟
مرة واحدة في اليوم فقط.
ماذا عن الأكل؟
سندوتش فول صباحًا، وسندوتش جبنة مساءً أو العكس.
هل تعرضت لأضرار جسدية أو تعذيب داخل مقر الأمن الوطني؟
كان فيه أطفال كتير ونساء وبنات، وكنت بسمع صوت التعذيب، وأنا كنت “بتعلق وأتكهرب”.. سبوني لمدة شهر في آخر مدة الـ 80 يوم حبس بالأمن الوطني، ومحدش سألني عن حاجة، ولكن أول شهر ونصف، كنت بتعلق وأتكهرب يومياً حتى أفقد الوعي، وفي هذه يتم “حقنى وإجباري على شرب اللبن” ومواصلة التعذيب من جديد، ولم أقدر أن استوعب مدة تعذيبي لأني كنت “بموت”.
ولكن ما تهمتك من الأساس؟
في نهاية مدة الـ 80 يوم، قال لي ضابط الأمن الوطني، “إحنا عارفين إن أنت معلمتش حاجة، وأنك جيت الليلة ديه غلط، بس أنا مش هينفع أروحك وأنت نفسيتك تعبانة كده، تطلع تعملي نصيبة بره، أنا هحطك في السجن سنة أعصابك تهدا شوية”، وهو ما كان بمثابة الدهشة بالنسبة لي، وقلت له “يا فندم .. ليه؟”، فكان جوابه “بص هي سنة واحدة، ولو جبت شيخ المحامين مش هتخرج قبل سنة”، وهذا الحوار مع ضابط الأمن الوطني قبل أن أرحل بأسبوع من الأمن الوطني.
أين ذهبت بعد ذلك؟
تم ترحيلي لأجد نفسي أمام نيابة شرق الإسكندرية، في نهاية شهر سبتمبر من العام الماضي 2015.
ما التهمة التي وجهت لك؟
كنت بتسأل في اقتحام سجن برج العرب، والمفاجأة أن هذا الاقتحام لم يحدث من الأساس، وهي مجرد تهمة وهمية، ومأمور سجن برج العرب شهد بأن هذه التهمة من خيال الضابط محرر محضر التحريات، ويتوهم أشياء غير حقيقية، ومستحيل حدوثها.
ماذا بعد عرضك على نياية الإسكندرية؟
تم ترحيلي إلى قسم ثاني الرمل، وهذا القسم أقل وصف للمعاناة به هو”لو حطيت فراخ هناك .. هتموت”، بعد ذلك تم ترحيلي على سجن كرموز، وبعدها إلى سجن برج العرب، وهناك أيضًا “بهدلة” وتضييق، والمطالبة بعدم الحديث، وفي حالة ما تكلمت ” هيخرسوني”؛ بناءً على تعلميات من ضباط مباحث داخل السجن.
وكيف تم إخلاء سبيلك؟
تم إخلاء سبيلي من النيابة بعد أكثر من 460 يوم من الحبس، منها 122 يوماً إختفاء قسري، بتاريخ 21 اغسطس الماضي، ولكن عدت مرة أخرى إلي قسم ثاني الرمل، وتم إتهامي بأني خائن وأنهم لن يتركوني، وحدث بيني وبينهم مشاحنات بسبب كثرة إهانتي، وعدم تحملي وتعدوا علي بالضرب، وبالفعل حررت محضر بالتعرض علي بالضرب، وعملت تقرير طبي وارفقته بالمحضر، وهما عملوا محضر تعدي بالسب عليهم، وأنا أصلا “مسبتش حد من الأساس”، وهم “ضابط و5 أمناء” ضربوني باليد وبماسورتين بلاستيك، والنياية عندما عاينت أمرت بإخلاء سبيلي، بتاريخ 21 اغسطس الماضي، بخلاف أنه تم دفع الكفالة المستحقة علي في 24 اغسطس الماضي بـ 50 ألف جنيه.
وماذا بعد تأييد النياية إخلاء سبيلك؟
تم ترحيلي من قسم شرطة ثاني الرمل إلى القاهرة، وإدارة الأمن الوطني قالت غير مطلوب لدينا، وكان بتاريخ 27 أغسطس الماضي غالبا، كما أكدت إدارة الحراسات الخاصة بأني غير مطلوب لديها، ويخلى سبيله من محل إقامته.
وهل تم ترحيلك إلى محل سكنك بطنطا؟
بالفعل تم ترحيلي إلى قسم طنطا، واستمر التضييق، و”قاموا بتعليقي أول أمس الثلاثاء 3 ساعات، وأمس ساعة ونصف، وفي هذه الأثناء دخل أحد الجنائيين، وطلبت منه الاتصال برقم هاتف شقيقي نور، وإخباره بحالي، وبعدها بنصف ساعة تم فك وثاقي”.
الغرف هناك بها “حلقان” مخصصة للتعليق، والجنازير مربوطة في الشباك، ويوجد أسفل كل شباك كرسي، لتكون جاهزة لتعليق أى شخص، وأنا أتسائل عن كيفية الوضع بهذا الشكل، ولماذا لا تقوم الجهات المعنية بحقوق الإنسان بالتفتيش على هذه الأوضاع المسأوية.
ومتى خرجت؟
تم استدعائي مساء أمس من ضابط أمن وطني، وقال لي “لم نفسك شوية، وسيبك من العيال اللي بره ديه، ومتكلمش مع حد كتير، وأنا وقت ما هعوزك هجيبك، ولو مجتليش يوم السبت تبقي أنت اللي بدأت معانا غلط”، وبمجرد خروجي من غرفة ضابط الأمن الوطني، أدخلنى مفتش المباحث لغرفته بالقسم ، وطالبني بأن “أذكره بالخير بعد خروجي، رغم أن تعليقي في الغرفة بقسم طنطا كان برعايته”، والحمد لله خرجت مساء أمس.
ماذا عن حالتك الصحية؟
أصبت بـ”الربو” في الحبس، وضعف في حركة ذراعي الشمال من كثرة الضرب، ما نتج عنه صعوبة في تحريكه.
يتحدث البعض عن أنك ناشط سياسي، فما هي طبيعة نشاطك السياسي؟
أنا أخري أشارك في مظاهرة أو أكتب تدوينه على مواقع التواصل الاجتماعي ليس أكثر.
متى كانت آخر مشاركة لك في مظاهرة قبل حبسك؟
في مظاهرات 30 يونيو 2103، وبعدها بسنتين خدوني، وأقصي شىء كنت أكتب على الفيس، وعندما يتم أعتقال أحد كنت أكتب عنه فقط.