السبت , أكتوبر 11 2025
الرئيسية / مقالات / جريمة أن تكون معارضا سلميا بقلم: فهمي هويدي

جريمة أن تكون معارضا سلميا بقلم: فهمي هويدي

عدد جريدة «الأهرام» الصادر أمس (٢٦/٤) لم يشر إلى خبر المظاهرات الاحتجاجية الغاضبة التى خرجت فى القاهرة وعدة مدن أخرى فى اليوم السابق (٢٥ إبريل) ــ فى الوقت ذاته حرصت الجريدة على إخبار قرائها بأن مظاهرات شبابية خرجت فى العاصمة البرازيلية ساوباولو دعما لروسيف (الرئيسة)، وأحاطته علما بأن اتحاد الشغل طالب العمال بالنزول إلى الشوارع، كما أنها حرصت على ذكر السهرة اليسارية المزمع إقامتها بالإليزيه دفاعا عن ولاية أولاند (الرئيس الفرنسى)، ولم يفتها أن تنشر خبرا آخر عن اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى.

أما ما حدث فى مصر فقد لخصته الجريدة العريقة فى عبارات من قبيل أن المواطنين: عبروا عن فرحتهم الشديدة بالذكرى الغالية، معربين عن سعادتهم الغامرة بمشاركة قواتهم المسلحة الاحتفالات بهذه المناسبة، مقدمين الشكر والامتنان لرجالها البواسل الذين لا يدخرون جهدا فى دعم جهود التنمية الشاملة وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، إضافة إلى مهامهم الرئيسية فى حماية الأمن القومى والدفاع عن حدود الوطن وسلامته.

أما التظاهرات الاحتجاجية التى خرجت فى ١٠ محافظات وظل صداها المدوى يتردد فى الفضاء المصرى طوال اليوم، فضلا عن أنها كانت محط أنظار عواصم العالم فقد كان نصيبها من تغطية الأهرام ثلاث كلمات فقط وردت فى ثنايا جملة ذكرت أن جموع المواطنين قاموا بتنظيم احتفالات شعبية «رافضين دعوات الفوضى»! ــ وكانت قد أوردت المعنى ذاته فى عنوان كرر الكلمات الثلاث.

لم تنفرد الأهرام بهذا الموقف لأن الصحف القومية (!) تبنت الموقف نفسه، وإن تم ذلك بدرجات متفاوتة، فعنوان الصحفة الأولى لجريدة «الأخبار» كان كالتالى: احتفالات صاخبة واحتجاجات خافتة.

أما جريدة «الجمهورية» فقدت تحدث عنوانها الرئيسى عن أن «الشعب يهزم قوى الشر»، أى أن الصحف «القومية» تراوحت فى مواقفها بين التجاهل شبه التام والتهوين المضمر والتجريم. وجميعها ظلت فى خندق الحكومة والأمن.

الصحف المستقلة عبر بعضها عما جرى بصورة مختلفة نسبيا لا يخلو بعضها من احترام للحقيقة وللقارئ، فعنوان جريدة «الشروق» كان كالتالى: الميادين للمؤيدين والأمن فى انتظار المعارضين. أما «المصرى اليوم» فقد عبرت عن الموقف نفسه، حين ذكرت فى عنوان الصفحة الأولى أن: الشارع للمؤيدين والأمن للمتظاهرين.

وتضمنت الجريدتان تغطية معقولة نسبيا للتظاهرات التى خرجت فى المناسبة، ثمة صحف أخرى يفترض أنها مستقلة، إلا أنها «قومية» بامتياز ــ ذلك أنها التزمت بالخط «القومى» وبعضها بالغ فيه وزايد عليه فجريدة «الوطن» كان عنوانها الرئيسى كالتالى «الشعب يحتفل والجيش يطارد الإرهاب».

أما «اليوم السابع» فإنها ذهبت إلى أبعد وبدت أكثر التزاما بخطاب وزارة الداخلية حين ذكرت فى عنوان الصفحة الأولى «الإخوان فشلت فى التحريض»، ولا تسأل عن «البوابة» لأن التزام الجريدة لا يكتفى بتبنى خطاب الداخلية فقط ولكنه موزع على جهات أخرى عديدة أترك لك تخمينها وإحصاءها.

بدرجة أو أخرى نستطيع أن نقول إن عناوين الصحف فى تعاملها مع تظاهرات ٢٥ إبريل عبرت عن الجزء الظاهر من الحياة السياسية فى مصر، أما الشق الغاطس من الصورة فإنه يظل مجهولا وليس بمقدرونا أن نطالع معالمه؛ لأن صوت الضجيج الإعلامى فى مصر أعلى بكثير من صوت الشارع فى طول البلاد وعرضها، ولا تنسَ أن البرلمان الذى يفترض أنه معبر عن الشارع تمت هندسته بصورة محكمة جعلته معبرا عن السلطة وليس المجتمع، عندى عدة ملاحظات على المشهد أبدأها بالتذكير بأن الحدث الأبرز الذى شهدته مصر يوم ٢٥ إبريل كان بمثابة التظاهرات السلمية التى خرجت بصورة متحضرة معبرة عن الاعتراض على ما تم بشأن الجزيرتين والغضب المتراكم الذى وجد فى المناسبة فرصة للإشهار والتنفيس، إلا أنه كله قوبل بدرجات متفاوتة من القمع (٣٠٠ اعتقلوا) التى عرضتها العديد من شاشات التليفزيون وتجاهلتها القنوات المصرية التى تنافست فى التعبير عن «قوميتها».

 

شاهد أيضاً

نظرات في الإسراء والمعراج.. للإمام الشهيد حسن البنا

نحمد الله تبارك وتعالى، ونُصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *