نتائج زيارة سلمان ودلالاتها
21 أبريل، 2016
مقالات
304 زيارة
أثارت زيارة الملك سلمان للقاهرة موجة كبيرة من الجدل، خاصة وان توقيتها غير مبرر وجاءت بعد عدة تأجيلات ظنها المحللون تعبيرا عن حدوث تغير في قمة النظام السعودي بعد رحيل عبدالله وحدوث حالة من التباعد ما بين سلمان والنظام الحاكم في مصر، إلا ان كم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التى تم توقيعها وما تبعها من الاعلان عن ترسيم الحدود المصرية السعودية وضم جزيرتي صنافير وتيرانا لي المملكة، قد اصابت الجميع خاصة من المعارضين للنظام الحالي بالصدمة الشديدة، اذ اعتبروها تأييدا للنظام وتعبيرا عن دعمه.
الا ان المدقق في حقائق الامور يكتشف ان النظام السعودي يتلاعب بالجميع، وهو يحاول ان يخرج من تلك الزيارة باكبر مكسب له وليس للنظام، إذ نجح وبلا اي مجهود يذكر في الحصول علي جزيرتي صنافير وتيران الاستراتيجيتين، ليصبح احد اهم الشركاء في المنطقة الي جانب امريكا ومصر واسرائيل المسئولين عن تنظيم حركة الملاحة في خليج العقبة، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى بدا وكأنه المنقذ للشعب المصري من الازمة الاقتصادية التى يعاني منها، علي الرغم من انه في حقيقة الامر لم يقدم شيء ملموس للنظام الحالي الذي كان يحتاج للدعاية اكثر من الدعم الذي يعلم انه لن يحصل عليه، إذ لم تقدم السعودية للنظام اي دعم حقيقي بل اكتفت بتوقيع اتفاقيات قروض ومذكرات تفاهم ستعود فائدتها لمصر علي المدي البعيد، فضلا عن انها ستاخذ وقت حتى يتم التنفيذ وبدء السحب من تلك القروض التى تحتاج الي موافقة البرلمان قبل بدء السحب منها، ما يعني اننا نتكلم علي عام علي الاقل قبل بدء سحب اي مبالغ من تلك القروض، يضاف الي ذلك ان المملكة ستسترد تلك القروض بفوائدها مرة اخرى، وهو ما يعني انها تستثمر اموالها اي انها هي المستفيد الاكبر من تلك الزيارة وليس النظام.
وإذا ما اضفنا الي ذلك فضيحة التنازل عن جزيرتي صنافير وتيران والتى نجح النظام السعودي في انتزاعها من النظام المصري، تكون محصلة تلك الزيارة اقل من الصفر للنظام، رغم محاولاته واجهزته الاعلامية المضنية من اجل الاستفادة منها وتصويرها علي انها تعبير عن عمق علاقات النظام بدول الخليج التى تواصل دعمه ومساعدته للخروج من ازمته الاقتصادية.
ويبدو من شكل الزيارة وما اسفرت عنه ان هناك تعمد في الوصول الي تلك النتائج التى تصب في غير صالح النظام الذي تم فضحه امام الراي العام المصري، واظهاره بمظهر المفرض في الارض والعرض، إذ اسفر اعلان مجلس الوزراء عن عودة صنافير وتيران للسعودية عن موجة غضب شعبيه تتصاعد وقد تكون لها نتائج سلبية علي مستقبل النظام الحالي الذي بدا عاجزا عن التعامل مع الملف رغم المحاولات المضنية التى يقوم بها الاعلام للتأكيد علي ان تلك الجزر سعودية وليست مصرية.
يضاف الي ذلك ان محاولات الاعلام جر المملكة للتأكيد علي ان الاخوان جماعة ارهابية باءت بالفشل رغم الحوارات والتصريحات التى نسبت الي وزير خارجية المملكة، حيث حرص وزير الخارجية السعودي علي عدم الربط بين الاخوان والارهاب، والتأكيد علي ان كل من ينتهج العنف هو ارهابي فقط، ما يعني ان المملكة لازالت حريصة علي ان تمسك العصا من المنتصف وأن تبدو وكأنها تدعم النظام في حين انها وجهت له اكبر طعنة منذ استيلاءه علي السلطة، وقد تكون احد المساعدين في سرعة انهياره، كما نجحت كذلك في توجيه ضربة للدور الاماراتي في مصر والمنطقة من خلال التأكيد علي ريادتها ودورها الكبير في مناطق النزاع والصراع المختلفة في امنطقة.
ولكن رغم ذلك يجب ان نؤكد علي ان المملكة تتحرك وفقا لمصالحها الخاصة، وليس من اي منطلق اخر، وقد تكون هناك ضغوط امريكية وصهيونية علي النظام السعودي لتقديم يد العون للنظام الحالي مقابل حلحلة الامور في اليمن والضغط عي ايران لوقف دعم جماعة الحوثي ولو مؤقتا، وهو ما تم التعامل معه بذكاء حتى هذه اللحظة.