شدّد الدكتور عصام حجي، المستشار العلمي السابق لرئيس الانقلاب عدلي منصور، عدة مرات على مصطلح الحوار الوطني، في حوار له مع موقع “عربي 21″، ووصفه بأوصاف أخرى كالحوار الراقي، والحوار الحضاري المدني السلمي، والحوار بين الفرقاء السياسيين والطامحين لإصلاح حقيقي.
لم يُفصّل كثيرًا حجي في دعوته إلى الحوار الذي وضع له أسسًا تعتمد مادة الأخلاق، وكان من بين ما دعا إليه حجي “إجراء حوار مصري يرعاه الأكاديميون”، وأنه ضمّنه في إجابته حول مشاركة رموز من الإعلاميين من رافضي الانقلاب في قنوات الخارج، معتز مطر ومحمد ناصر، في الدعوة إلى هاشتاج “اطمن انت مش لوحدك”، والتي جاءت بنتائج إيجابية، على حد وصفه.
ويفهم عصام حجي أن ما يعني جمهور رافضي الانقلاب، لا سيما من الإسلاميين، أن يكون هناك اعتذار واضح وصريح عما حدث من هرج ودماء افتعلها جيش الانقلاب في 2013، وليس شرطًا أن يكون ذلك في 2016، أو حتى في 2019، لا أن يكون ندمًا على أخطاء عدم صواب الاختيار.
ولذلك أعلن عن وقوعه في أخطاء، وسبق أن أدان ما حدث في رابعة العدوية وقال: “فكل ابن آدم خطاء، وقد أكون أيضا أخطأت أكثر من الكثيرين، ولذلك تعلمت أيضا الكثير، وأنا أعلنت مرارا اعتذاري الواضح والصريح عن هذه الأخطاء، وقد قلت ذلك مرارا منذ عام 2016”.
ولكن البعض يأخذ عليه ضيق صدره من اللوم المتكرر، في حين أن الخطأ استتبعه جرائم متكررة إلى وقتنا الحاضر، يقول حجي: “لا تلوم أحدا على أخطائه أو سوء تقديره، لأنه لا يوجد مجال للعمل في هذه المجالات من الأساس، بالتالي فكلها اجتهادات تفتقر للأرقام والحقائق، ولكنها لا تفتقر للرؤية وللنية الصادقة في النهوض بمصر”.
وأضاف “لا ينبغي أن نُحاسب بعضنا البعض على الأخطاء بكل هذه القسوة والحدة في الاختلاف، علينا أن يتقبل كل منا الآخر، وأن تكون هناك سعة صدر في قبول الآخر. ويجب ألا نعتقد أننا نملك الحقيقة المطلقة، حتى لا نكون أقسى على أنفسنا من واقعنا المعاصر والمرير، وأرجو أن نحاول المضي قدما للأمام بكثير من الرحمة بيننا جميعا”.
ويعوّل في تلك الرحمة التي يطلبها للجميع على المستوى التعليمي، رغم أن كثيرًا من القامات العلمية وقعوا في نفس الخطأ، لذلك يرى أنه “لا يمنع من الخطأ أو سوء تقدير الأمور، بل يجعلك قادرا- بكل شجاعة- على الاعتذار عن الأخطاء ثم محاولة تصحيح هذه الأخطاء”.

إلا أن دعوته للحوار شابها شرط غريب لا يعجب كثيرًا من رافضي الانقلاب، وهو يتيح به إشراك الانقلاب في مصر في حوار يعتمد الأخلاق، فقال: “أعلم أن هناك أشخاصًا كثيرين لديهم آلام كبيرة للغاية، وهؤلاء قد يحتاجون لصرخات بصوت عال وكلام شديد لوصف الفظائع التي مروا بها، ويحتاجون لكلام شديد لوصف الفظائع التي عاشوها، لكني أتمنى من الكل اتباع لغة خلوقة، حتى نستطيع بناء أساس للحوار، وأي حوار بدون أخلاق لا معنى له، ولن يؤدي إلى أي شيء”!.
حراك الشارع
وجاء أبرز ما تناوله عصام حجي، في حواره مع عربي 21، التركيز على دعم الحراك المدني السلمي مهما كان حجمه، داعيًا “الأكاديميين” و”النخب والشخصيات العامة”، و”الرموز الوطنية” والقامات العلمية والأكاديمية والفكرية، إلى أن تكون خطوة الظهور في الإعلام المصري بالخارج في ذهنهم، وأن يدعموا الحراك المدني السلمي بشكل عام.
واستغرب الحملة التي تشن من قبل النظام ضد نقل حراك الشارع، وقال: “للأسف أصبح كل شيء في مصر متوقعا، ورأينا بعد حملة الهجوم على “بي بي سي” كيف تتم شيطنة وأخونة (الاتهام بالانضمام لجماعة الإخوان) كل وسائل الإعلام التي تحاول أن تنقل حراك الشارع المصري، مثلما يتم تخوين كل من له أي رأي يختلف- ولو نسبيا– مع النظام الذي يعتبر نفسه في حالة حرب، ولا صوت يعلو فوق صوته”.
ورغم حالة طمس حراك الشارع الذي امتد بقوة حتى بداية 2018، وما يزال مستمرا بشكل رمزي، إلا أن تعاطي بي بي سي مع الحملة الأخيرة رآه “يعكس مدى التخبط واسع النطاق في التعامل مع صوت الشارع المصري، حيث يقوم إعلام السلطة بتشويه وشيطنة وتخوين الحملة التي إن دعت لشيء فهي تدعو لسماع صوت الشعب وآلامه، وللحوار بين مختلف الفئات الطامحة بإصلاح حقيقي، ولم تدع أبدا لأي عنف أو لفوضى أو حتى للتجمهر”.

أفكار إصلاحية
وأعرب عصام حجي في ظل هذا الوضع القاتم عن أمله في المشاركة بوضع أسس الإصلاح بمصر خلال الثلاث سنوات المقبلة، بمشاركة كل قوى الإصلاح والتغيير، لم يحددها.
لكنه أشار إلى جانب من قتامة المشهد فقال: “أتعجب كثيرا من نظام لا يقبل بأقل خلاف للرأي من مؤيديه، أن يقبل بخلاف الأديان الأكثر جوهرية وعمقا. أتعجب من نظام يحارب الإرهاب، فيرهب الأسر والأبرياء في منازلهم ويُخفي الآلاف قسريا، ويُعذّب الآلاف أيضا”.
وأضاف أن أغلب القنوات والصحف المصرية والمذيعين المصريين بالداخل تم بيعهم لرءوس أموال أجنبية أصبحت تتحكم بالكامل بكل ما يدور في الساحة الإعلامية تحت أعين ورعاية الدولة.
وأشاد في معرض رده على مشاركته في حملة معتز مطر بمن يخالفونه، فقال: “بعض العاملين في تلك القنوات من الشباب الذين صدرت بحقهم أحكام ظالمة وقاسية أثناء فترة وجودي كمستشار في الرئاسة، ومع ذلك قبلوا بوجودي، ووضعنا الماضي خلفنا، وقدمنا بالإمكانيات البسيطة والمتواضعة للغاية، كي لا أقول البدائية، رسالة الحملة”.
الطريف أنه وجه دعوة أخلاقية لجميع وسائل الإعلام المصرية في الداخل والخارج، بالابتعاد عن لغة التخوين وإساءة الألفاظ، رغم شرحه أن قنوات الداخل استهدفته شخصيا، وأنها عميلة تتلقى أموالا أجنبية لتفتيت عقل المصريين.