في الوقت الذي أصبحت فيه الإمارات في مرمى نيران وصواريخ جماعة الحوثي باليمن، حتى إن الدولة الهشة التي تعتمد على المال للتدخل في الشئون الخارجية لبعض الدول العربية، لم تتحمل صاروخًا أو صاروخين، ولهذا تتوسط أمريكا وبريطانيا لمنع الاستهداف الصاروخي للإمارات، استعرضت الإمارات عضلاتها من أجل لعب دور الوكالة في المنطقة للتحالف الصهيوأمريكي، وعرضت أن تتحمل المزيد من عبء الأمن في الخليج، كما جاء على لسان وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية، أنور قرقاش، للإعلان عن الدور المرتقب الجديد لبلاده في منطقة الشرق الأوسط.
وينظر خبراء استراتيجيون للإمارات على أنها كيان من زجاج، وجيش مكون من “بلاك ووتر” وفرسان مالطا التي ينطلق منها الجيش الإماراتي.
وتسعى الإمارات لتوسيع نفوذها الإقليمي عبر وسائل سياسية وعسكرية واستخباراتية ومالية، في منطقة الشرق الأوسط والقرن الإفريقي.
وانخرطت الإمارات في اليمن، ولعبت دورًا كبيرًا في معارك عدن، وأدى ذلك فعليًا إلى سيطرة إماراتية على الجنوب اليمني، لا سيما عدن، الأمر الذي قوبل باستياء من قبل الحكومة الشرعية، ممثلة في الرئيس المعترف به دوليا والمفترض أنه حليف للتحالف العربي، عبد ربه منصور هادي.
وظهر هذا جليًا في جزيرة سقطرى اليمنية، بعد أن استنكرت الحكومة اليمنية في مايو 2018، الإجراءات العسكرية، التي قامت بها القوات الإماراتية في الجزيرة اليمنية، واعتبرتها «أمرا غير مبرر».
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن مسئول يمني، أن الحكومة الشرعية تدرس إرسال رسالة إلى الأمم المتحدة، تطالب فيها بطرد الإمارات من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن إذا ما كانت أبو ظبي تتصرف من دون تنسيق مع التحالف، بعد أن أرسلت السعودية.
كما تلعب الإمارات دورا كبيرا في معركة الحُديدة، إذ «تُعَد الحديدة أكبر عملية عسكرية تُنسِّقها الإمارات في أي مكانٍ في العالم.
وفي شرق إفريقيا، أقامت أبو ظبي قاعدةً عسكرية في إريتريا، وتخطط لإنشاء قاعدةٍ أخرى في أرض الصومال، وهي منطقة صومالية تتمتع بحكم شبه ذاتي، وفكَّرت في القيام بإجراءٍ عسكري ضد قطر.
وفي ليبيا.. تدعم الإمارات قائد ما يعرف باسم الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، بالتعاون مع مصر، وبوجود دور فرنسي، في ثلاثية تقوم على المال الإماراتي والسلاح الفرنسي والمقاتل المصري.
ويتزامن الدور الذي تستعرض به الإمارات عضلاتها، مع استمرار احتلال إيران جزرها الثلاث، ومع ذلك فإن علاقتها بإيران لم تنقطع على الصعيد الاقتصادي، والأهم أن علاقتها بحليف طهران، الرئيس السوري بشار الأسد، ليست بنفس السوء الذي يفصل بينها وبين الرياض.
ولدعم طموحاتها العسكرية، فرضت الإمارات الخدمة العسكرية الإلزامية لمدة عام واحد على الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما في 2014. ومدَّدت في يوم الأحد 8 يوليو 2018، فترة هذه الخدمة العسكرية إلى 16 شهرا. وتمتلئ الإمارات بالمدن العصرية ذات السمات المستقبلية والاقتصاد المزدهر، التي بنيت بخبراتٍ أجنبية وعمالة تمولها الدولارات البترولية، ولا تختلف طريقة بناء الجيش عن ذلك.
وتوظف الإمارات ضباطا سابقين من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لبناء إمبراطورية تجسس في الخليج، وذلك حسب تقرير لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.
وقال أحد الموظفين السابقين للمجلة، “إن المال كان رائعا.. لقد كان 1000 دولار في اليوم، ويمكنك العيش في فيلا، أو في فندق 5 نجوم في أبوظبي”. إن اعتماد الإمارات على الأجانب لبناء مؤسساتها الأمنية ليس بالأمر الجديد، لكن الدولة الخليجية حاولت في العادة إبقاء تفاصيل تلك المساعدة بعيدة عن الرأي العام، وعندما يتعلق الأمر بتدريب عملياتها الاستخبارية الوليدة، يتم الحفاظ على التفاصيل بشكل خاص.
وتعتمد الإمارات على ضباط أمريكيين مقابل أموال طائلة لبناء جيش من الزجاج، كما تعتمد على الجنود الذين يأتون من دول أفقر، فقد أفادت تقارير بأن أبو ظبي تجنِّد أبناء القبائل العربية في تشاد والنيجر، للزجِّ بهم في الحرب في اليمن.
ولكن يظل المرتزقة الكولومبيون هم الأفضل بالنسبة للجيش الإماراتي، وفقا لما كُشف في عدة تقارير، منها ما صرح به ضابطان سابقان وخبير أمني لوكالة فرانس برس عام 2015، بأن دولة الإمارات العربية المتحدة أرسلت سرا نحو 300 من المرتزقة الكولومبيين، للقتال نيابة عن جيشها في اليمن.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها آنذاك، إن خبرة الجنود الكولومبيين السابقين في قتال الميليشيات اليسارية وتجار المخدرات في بلدهم، شجعت الإمارات على الاستعانة بهم، نظرا لقلة خبرة جيشها نسبيا. وقال ضابط سابق في الجيش الكولومبي لفرانس برس في بوغوتا: «الجنود الكولومبيون معروفون بمهاراتهم القتالية، نظراً لأنهم تدربوا على قتال الميليشيات». وأضاف: «الكولومبيون لديهم سنوات عديدة من الخبرة في خوض الحروب».
ويحصل الكولومبيون من قادة القوات الخاصة أو قائدي المروحيات في شركة «بلاك ووتر» على مبلغ 3300 دولار شهريا، أي أقل بخمس مرات من المبلغ الذي يتلقّاه المتعاقدون الأمريكيون، ولكنه يعتبر ثروة بمعايير كولومبيا.