الجمعة , أكتوبر 10 2025
الرئيسية / إسلاميات / همسات تربوية .. وزاد على الطريق

همسات تربوية .. وزاد على الطريق

همسات تربوية .. وزاد على الطريق 24/2/2016

قِفْ تحت راية الحق ومِت الميِتَة الشريفة:  تلك غاية المسلم في هذه الحياة .. أن يبقى فيها تحت راية الحق .. وأن يغادرها بالموتة الشريفة .. ** حياة تحت راية الحق : تنصر الحق في كل أحوالك .. تجسده في أقوالك وأفعالك .. تضع يدك في يد حامليه .. تدافع عنه في كل ميدان .. ترفع للحق راية حينما تعلو رايات الباطل .. تستظل براية الحق حينما يعيشون للباطل .. فاصدع به في ربوع الأرض .. صمت أذن الدنيا إن لم تسمع منك الحق ** وداع الدنيا بالموتة الشريفة : “إن الأمة التي تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة يهب الله لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة، فأعدوا أنفسكم ليوم عظيم، واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة، واعلموا أن الموت لا بد منه، ولا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها في سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة.”

همسات تربوية . :  لا تُعِن عدوك عليك.. قال ابن القيم رحمه الله : ” تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تخلى عنك المولى فلا تظن أن العدو غلب ولكن الحافظ أعرض ” .. وفي ذلك القول فوائد جمة :
** منها : أنه ما كان لعدوك عليك من سلطان عندما كنت مع المولى ولكن بعد أن تخليت كان الجزاء أن تخلى الله عنك فأنت الذي أكسبته الجراءة عليك ببعدك عن راعيك
** ومنها : أن الذنب دخل عليك بمصيبتين :
الأولى : أن تخلى الله عنك ، فخذلك ، وأسلمك لعدوك ، فلست لحفظه ورعايته أهلاً ، فقد ضيعت الله ؛ ومن ضيع الله ضيعه الله ، وأَعْظِم بها من مصيبة.
الثانية : أَنْ تَسَلَّطَ عليك العدو فصرت بذنبك مملوكاً ، رقيقاً ، رهين عدو لا يرحم ، ولا يخاف الله فيك.
** ومنها : أن أعداء الله لا ينتصرون على أوليائه ، وأنه تعالى لا يُسْلم أولياءه ، فإن الله غالب وليس بمغلوب ، قال تعالى “وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ” .
** إذا أقبلت على الرحمن قبل الموجة الثورية القادمة .. فإنه سبحانه يعينك على عدوك وعدوه .. ويفتح لك أبواب نصره وتأييده .
** وإذا أدبرت عنه وغفلت عن ذكره وسوفت التوبه إليه واتبعت هواك والأماني الزائفة .. فقد أعنت عدوك عليك .. فلا تجعل الحافظ يعرض عنك فيكلك إلى نفسك فتهلك ..

همسات تربوية . : لن يموت في سبيل الله إلا من عاش في سبيل الله : هذا هو الطريق .. فإن العيش في سبيل الله ربما كان أصعب على النفس من الموت في سبيل الله .. ومن معانى العيش في سبيل الله :
** أن تكون صاحب رسالة : رسالة ملامحها من القرآن والسنة بفهم الإمام البنا .. رسالة تتعلق بالسماء لهداية أهل الأرض .. رسالة ينطق بها حال حاملها قبل مقاله ..
** أن تكون مهموما بدعوتك.. مشغولا بفكرتك .. تسعى جاهداً كي تسود الأرض وتسعد البشرية بها.. تأخذ منك القلب والعقل .. فتنشغل بها عمن سواها .. تعيش بها ولها وفي سبيلها
** تعمل لها في مسار حياتك : فهي تتحرك معك حيثما كنت وكيفما كنت .. معك في بيتك ومسجدك .. في شارعك وحارتك .. في قريتك ومدينتك .. في مدرستك وجامعتك .. في مصنعك وشركتك ..
** تقدمها في اختياراتك وأولوياتك.. لها المكانة الأولى في ترتيب أولوياتك .. أحب إليك من النفس والأهل والولد .. ومن المال والتجارة .. ومن الرأي والهوى والميل القلبي .. مصلحتها أولاً ..
همسات تربوية . : مَنْ جاهد وبَذَل أُجِرْ.. ومن تخاذل أثِم.. وأمر الله نافذ .. ونصر الله قريب.
هذا هو الطريق .. فالجهاد عزنا وسبيلنا .. والتضحية نهجنا .. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا .. وإليك بعض صور الجهاد كما صورها الإمام البنا رحمه الله :
** من الجهاد في الإسلام أيها الحبيب : عاطفة حية قوية تفيض حناناً إلى عز الإسلام ومجده، وتهفو شوقاً إلى سلطانه وقوته، وتبكي حزناً علي ما وصل إليه المسلمون من ضعف
** ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن يحملك هذا الهم الدائم علي التفكير الجدي في طريق النجاح وتلمس سبيل الخلاص
** ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تنزل عن بعض وقتك وبعض مالك وبعض مطالب نفسك لخير الإسلام وبني المسلمين..فإن كنت قائداً ففي مطالب القيادة تنفق، وإن كنت تابعاً ففي مساعدة الداعين تفعل، وفي كل خير , وكلا وعد الله الحسنى
** ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تأمر بالمعروف وأن تنهي عن المنكر، وأن تنصح لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم
** ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب :أن تتنكر لمن تنكر لدينه وأن تقاطع من عادى الله ورسوله فلا يكون بينك وبينه صلة ولا معاملة ولا مؤاكلة ولا مشاربة
** ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تكون جندياً لله تقف له نفسك ومالك لا تبقي علي ذلك من شئ.
** ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تعمل علي إقامة ميزان العدل وإصلاح شئون الخلق وإنصاف المظلوم والضرب علي يد الظالم مهما كان مركزه وسلطانه.
** ومن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى إن لم توفق إلى شئ من ذلك كله : أن تحب المجاهدين من كل قلبك وتنصح لهم بمحض رأيك وقد كتب الله لك بذلك الأجر

همسات تربوية : الثقة فى الجنود تنمى القدرات:
إن الثقة في الأفراد تفجر الطاقات ، وتنمى المواهب والقدرات ، وتحررالفكر، وتنضج الملكات، وتنمي الشخصيه، وتصقل المواهب، وتزيد من ثقة الفرد في نفسه وثقته في قيادته، والقائد الرباني هو الذي يربي قادة لا أتباعاً، ويجني من غرس يده قيادات لا تقل عنه كفاءة، بل قد تتفوق عليه، ولا يجد في نفسه غضاضة أن يعمل جندياً مع بعضهم في مرحلة من المراحل؛ فيتعلمون منه جندياً كما تعلموا منه قائداً. والقائد الحقيقي لا ينافس الأفراد ولا يُضيق عليهم، ولا يَضيق بهم، وإنما يفسح لهم في قلبه وعقله ووقته، كما يفسح لهم في الميدان العملي ليدربهم علي عينه.
وسيرة المربي الأعظم صلي الله عليه وسلم مليئة بالشواهد علي تربيته للقادة بالثقة فيهم وفي قدراتهم، فاختياره صلي الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنه لقيادة جيش البلقاء والداروم جعل منه قائداً عسكرياً فذاً، وقوله صلي الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود: “أتعجبون من دقه ساقه. إنها أثقل عند الله من جبل أحد” فجر ينابيع الثقة في نفس ابن مسعود ودفعه أن يغشي مجالس الكفار ويقرع أسماعهم بالقرآن الكريم مستهينا بما يصيبه من أذي، وقد دخل خالد بن الوليد الإسلام بمقولة بلغته عن رسول الله ملأته ثقة في نفسه وفي مستقبله مع الدين الذي حاربه طويلاً؛ فقد بلغه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: “ما مثل خالد يجهل هذا الأمر، وإن له عقلاً رجوت ألا يسلمه إلا لخير، ولئن جاءنا قدمناه علي غيره” فأسلم و لقبه صلي الله عليه وسلم بسيف الله المسلول، و قدمه علي غيره وكذلك فعل خليفته أبو بكر رضي الله عنه؛ فظهرت عبقريته الحربية وملأت شهرته الآفاق.

همسات تربوية : الثقة في القيادة تفشل المؤامرات:
حاولت قريش استغلال قصة الإسراء والمعراج في التشكيك وإثارة الفتنة في الصف المسلم، وتشويه شخصية القيادة النبوية واتهامها بالكذب، وصد المسلمين عن دينهم، و بلغ بهم الغرور أن يطمعوا في أبي بكر رضي الله عنه؛ فقالوا له: “أسمعت ما قال صاحبك؟.. إنه يزعم أنه أتي بيت المقدس وعاد في جزء من الليل ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهراً ذهاباً وشهراً إياباً” فقال لهم رضي الله عنه: “لئن كان قال فقد صدق. إني أصدقه في أبعد من ذلك. أصدقه في الوحي يأتيه من السماء في ساعة من ليل أو نهار”. وهكذا فشلت المؤامرة، وتحطمت علي صخرة الثقة في القيادة، ومن يومها ولقب الصديق لم يفارق أبا بكر رضي الله عنه. وحينما حاول بعض أقارب خالد بن الوليد بعد عزله أن يثير حفيظته ضد الخليفة عمر بن الخطاب صاحب القرار لم يستمع إليهم، وعندما حضرته الوفاة قالوا له من يكون ولياً علي بناتك من بعدك؟ قال: عمر، ولم يقدم عليه أحدً من عصبته ولا قرابته.
وفي تاريخ الإخوان عندما حاول عبد الناصر استغلال الخلاف بين الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد الرابع للإخوان و عضو مكتب الإرشاد آنذاك وبين الأستاذ حسن الهضيبي المرشد الثاني والتقي عبد الناصر بالأستاذ محمد حامد أبو النصر لإذكاء الفتنة فما كان منه رحمه الله إلا أن قال لعبد الناصر في وضوح وجلاء: إن الأستاذ حسن بك الهضيبي بصفته مرشداً لجماعة الإخوان المسلمين إذا أصدر أمراً ينفذ به قرار الجماعة فإن الجندي محمد حامد أبو النصر علي استعداد أن يضع رقبته تحت حذائه” ووئد الفتنة في مهدها بتجديد الثقة في القيادة ودفع الأستاذ أبو النصر ثمناً غالياً لهذا الموقف. ربع قرن في السجن الحربي. فالثقة من ركائز الدعوة وأحد مصادر قوة البناء النفسي والتنظيمي للصف، وبقدر الثقة المتبادلة بين الأفراد تكون قوة الصف، وبقدر ثقة الصف في قيادته تكون قوة الجماعة. وما أحوجنا إلي هذه الثقة في ظل الحرب الضروس التي يشنها إعلام الفتنة علي الجماعة قيادة ومنهجاً وتاريخاً وأفراداً.

همسات تربوية : المؤسسية (1)
قامت فكرة جماعة الإخوان المسلمين علي المؤسسية منذ نشأتها بداية من تسمية الجماعة بهذا الاسم الموحي برابطة الأخوة الإسلامية التي تمثل مبدأ من مبادئ المؤسسية ومروراً بالقانون الأساسي للجماعة ولائحته التنفيذية التي حددت أهداف الجماعة والهيكل التنظيمي لها ووزعت الأدوار والمسئوليات وحددت آليات اتخاذ القرار وطرق المتابعة والمحاسبة، وقد أقامت الجماعة هياكلها التنظيمية بداية من الأسرة التربوية فالشعبة والمنطقة والمكتب الإداري انتهاء بمكتب الإرشاد العام ، وهياكلها الشورية بمستوياته المختلفة في الشعبة فالمنطقة فالمكتب الإداري فمجلس الشوري العام، وقد مثلت الأصول العشرين للإمام البنا الإطار الفكري لفهم الإخوان للإسلام كما مثلت أركان البيعة الإطار التنظيمي والحركي للجماعة، و قد أقامت الجماعة علاقات أفرادها علي أسس تنظيمية مؤسسية راسخة هي الأخوة والثقة والطاعة، وفي الواقع العملي أنشأت الجماعة الكثير من المؤسسات مثل المدارس الإسلامية والمستشفيات والجمعيات الإسلامية والمساجد و دورالنشر والمكتبات الإسلامية وغيرها

همسات تربوية: المؤسسية  (2)
من مبادئ العمل المؤسسي:
1ـ الشوري: فهي مبدأ أساسي لا يمكن تصور قيام عمل مؤسسي بدونه؛ إذ إن ممارسة الشوري في إدارة أي مؤسسة وإعلاء قيمة الشوري بين أفرادها يوفر أفضل ببيئة للعمل والحركة والإبداع، كما يتيح أفعل طريقة لاتخاذ القرار، ويكسب المؤسسة المرونة والقدرة علي مواجهة التحديات بفكر متجدد ورؤية جماعية ويحصنها من التسلط والفردية والارتجال، والشوري مبدأ قرآني يتعبد به المؤمنون قربة إلي الله تعالي فضلاً عن كونه أفعل وسيلة لتحقيق أهداف العمل المؤسسي، قال تعالي: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
– النظام: وهو كذلك من المبادئ الأساسية للعمل المؤسسي ويتضمن وجود لوائح ضابطة و قواعد حاكمة وقيم سائدة وأدبيات مرعية، وتكون موضع احترام وتقدير والتزام وتنفيذ من جميع أعضاء المؤسسة بغض النظر عن موقعهم التنظيمي، وخاصة المؤسسات التي تتصدي لحمل رسالة الإسلام وتقديمها للناس في عصر المادة، وتربط أفرادها بالله وكتابه ورسوله والدار الآخرة. ويعتبر الإسلام دين النظام يعلم أتباعه كيف يقفون صفوفا منتظمة في الصلاة وكيف يستقبلون عدوهم صفاً واحداً في الجهاد﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص﴾

همسات تربوية : من الضوابط والأداب في ممارسة الشوري:

• الاستعانة بالله عزوجل ودعائه والإلحاح عليه في طلب التوفيق فهو الهادي للرشاد والموفق للسداد، وكذلك الاستعانة بقيام الليل وصلاة الحاجة والاستغفار والتوبة وإصلاح ذات البين وصدقة السر وغير ذلك من الأعمال التي تذكر الآخرة وتجلب التوفيق وتقرب العبد من ربه سبحانه وتعالي(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).
• إخلاص النية لله تعالي والتجرد من الهوي والتخلص من التعصب للرأي ومن طلب الغلبة، وتقديم مصلحة الجماعة علي المصلحة الشخصية واعتقاد أن الشوري قربة لله سبحانه، وأنها عبادة يستفرغ فيها الإنسان جهده وطاقته لتحري الوصول إلي الحق والصواب الذي يرضي الله تعالي ويمكن لدينه ودعوته ويحقق المصلحة لعباد الله في معاشهم ومعادهم.
• استشعار مسئولية الكلمة وخطورة الرأي وأنك تشارك في رسم مستقبل الدعوة بل ومستقبل الأمة.
• استشعار أن الشوري أمانة وأن المستشار مؤتمن فلا يمنعه خوف ولا رجاء من أداء الأمانة والجهر بالرأي الذي يعتقد صوابه حسبة لله تعالي، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المستشار مؤتمن” (رواه ابن ماجة بإسناد صحيح).
• الانفتاح النفسي والعقلي علي ما يتم طرحه من آراء وإدراك أن الشوري قد تسفر عن رأي جديد لم يكن في ذهن أي من أعضائها قبل المناقشة.
• احترام التخصص. يقول الله تعالي:﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾( النحل: 43 ) وأهل الذكر هم العلماء العاملون الراسخون في مجال تخصصهم المشهود لهم بالدقة والأمانة والصلاح، وإذا كان عامة المسلمين مخاطبون بهذا الأمر في شئونهم الخاصة فأهل الشوري أولي بسؤال أهل الذكر لأن قراراتهم تتعدي أشخاصهم إلي الجماعة كلها وأحياناً إلي الأمة بأسرها فيجب أن تُبني علي أساس متين من البحث المتأني والدراسة الوافية المستوعبة.
• كفاية ودقة المعلومات وإتاحتها بنفس الدرجة لجميع أعضاء الشوري أصحاب الحق في اتخاذ القرار؛ لأن الحكم علي الشيء فرع عن تصوره ولا يمكن تكوين تصور صحيح عن موضوع الشوري إذا تم حجب بعض المعلومات عن بعض أو كل أعضاء الشوري أوتأخير وصولها إليهم إلي وقت حرج لا يتيح اطلاعهم عليها قبل بدء المناقشة، كما أن تقديم تقارير موجزة غير وافية أو تقديم معلومات غير دقيقة أو غير مؤكدة يؤثر علي اتجاه التصويت ويؤدي إلي خروج قرارات خاطئة أو تفتقر إلي أسباب النجاح.
• إتاحة الفرصة بشكل متوازن لعرض وجهات النظر المتقابلة؛ لأن هذا من شأنه أن يحافظ علي سلامة الصدور ويوفر مناخاً ملائماً تتولد فيه الأفكار وتنضج فيه الآراء كما يؤدي إلي مزيد من الثقة بالقيادة، والاحترام المتبادل بين أعضاء الشوري، وتحصين الجماعة من القيل والقال، وسد المنافذ علي مداخل الشيطان.
• تذليل كل العقبات لحضور جميع أعضاء الشوري ومشاركتهم في صنع القرار؛ أخذاً بالأسباب واستفراغاً للوسع وطلباً للتوفيق والتماساً لرضا الله تعالي
• عدم التوجيه والترويج لرأي معين بشكل مقصود أو غير مقصود، مباشر أو غير مباشر، ومن أشكاله الحديث إلي وسائل الإعلام بشأن موضوع قيد المناقشة وتبني رؤية معينة بخصوصه، ومن أشكاله الحديث الفردي أو في مجموعات صغيرة مع بعض أعضاء الشوري بشأن الموضوع قبل جلسة المناقشة ومن أشكاله إبداء المسئول لرأيه في جلسة المناقشة قبل بقية الأعضاء.
من نتائج ضعف ممارسة الشوري:
• الحرمان من توفيق الله عز وجل.
• كثرة الأخطاء وعدم تحقق الاهداف.
• ضعف تماسك الجماعة.
• ضعف التجديد والابتكار

همسات تربوية : المؤسسية  (3)
ومن مبادئ العمل المؤسسى:
2 ـ النظام: وهو كذلك من المبادئ الأساسية للعمل المؤسسي ويتضمن وجود لوائح ضابطة و قواعد حاكمة وقيم سائدة وأدبيات مرعية، وتكون موضع احترام وتقدير والتزام وتنفيذ من جميع أعضاء المؤسسة بغض النظر عن موقعهم التنظيمي، وخاصة المؤسسات التي تتصدي لحمل رسالة الإسلام وتقديمها للناس في عصر المادة، وتربط أفرادها بالله وكتابه ورسوله والدار الآخرة. ويعتبر الإسلام دين النظام يعلم أتباعه كيف يقفون صفوفا منتظمة في الصلاة وكيف يستقبلون عدوهم صفاً واحداً في الجهاد﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص﴾ (الصف،).
3 ـ المحاسبة: وهي مبدأ قرآني، قال تعالي: ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾ (الرحمن،). وقد أرساها الرسول صلي الله عليه وسلم في محاسبة عامله علي الزكاة الذي قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال له صلي الله عليه وسلم: “هلا جلست في بيت أبيك وأمك لتنظر هل يهدي إليك أم لا” ومحاسبته لاسامة بن زيد الذي سبق سيفه إلي رجل نطق بالشهادين فقال أسامة: لقد نطقها تعوذاً فقال له صلي الله عليه وسلم: أين تذهب من لا إله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة، ومحاسبته له عندما شفع لفاطمة المخزومية عندما سرقت وقال له: “أتشفع في حد من حدود الله وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها” وقد كان من سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه محاسبة الولاة سواء باستدعائهم إلي المدينة كما فعل مع عمرو بن العاص وابنه استجابة لشكاية القبطي أو الذهاب إليهم كما فعل مع سعيد بن عامر رضي الله عنه واليه علي حمص. والمحاسبة من أسس العمل التنظيمي فهي تضمن تصحيح المسار وإثابة المحسن ومراجعة المقصر، ولكي تحقق المحاسبة أهدافها يجب أن تتم وفق أسس واضحة ومعروفة للجميع وكذلك وفق أليات محددة وإجراءات سيلمة في ظل روح الأخوة والحرص علي المشاعر والعلاقات الإنسانية وآداب الإسلام في الكتمان وحفظ السر وتقدير السبق واحترام السن واحترام الخصوصيات. وقد بات تفعيل مبدأ المحاسبة داخل مؤسسات العمل الإسلامي أمراً ملحاً من أجل التركيز علي تحقيق الأهداف وتصحيح المسار والاستفادة من الخبرات وعدم تكرار الأخطاء وترسيخ المحاسبة كقيمة مؤسسية

همسات تربوية: المؤسسية (4)
ومن مبادئ العمل المؤسسى:
3 ـ التعاون : يقول الله تعالي: ﴿وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان﴾ (آل عمران،) ويقول صلي الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخري” () وفي الحديث: “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” والعمل المؤسسي هو عمل تعاوني في الأساس، ولا يمكن له أن يحقق أهدافه إلا بالتعاون الصادق بين جميع أعضاء المؤسسة كل علي قدر طاقته دون تنافس يفضي إلي التحاسد ويقطع حبال الود ويوصد منافذ التعاون، ولا شك أن أحد أهم أسباب نجاح العمل المؤسسي في الغرب سيادة روح التعاون والعمل بروح الفريق كما في اليابان وتناسي الخلافات والتغلب علي معوقات التعاون من اختلاف اللغات والأعراق والعقائد وتباين المشارب وتعارض المصالح بل ووجود ثارات تاريخية دامية كما في تجربة الاتحاد الأوروبي السياسية والاقتصادية والعسكرية. وبالمقابل نجد أحد أهم أسباب تأخر العمل المؤسسي في العالم الإسلامي اليوم هو غلبة الفردية علي قيم التعاون والعمل الجماعي والمؤسسي وضعف روح الفريق
4 ـ الأخوة: يقول الله تعالي: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ (الحجرات،) ويقول صلي الله عليه وسلم: “وكونوا عباد الله إخواناً” ويقول: المسلم أخو المسلم” وهي أساس مكين للعمل المؤسسي فالمؤسسة ليست البناء التنظيمي علي أهميته ولا اللائحة علي ضرورتها ولكن أيضاً الأخوة التي تجمع القلوب وتزيد من الترابط والتماسك والتعاون وتقلل من المشكلات وتزيد مناعة المؤسسة ضد التفكك والضعف، وتقوي ارتباط الأفراد بالمؤسسة وحرصهم علي إنجاحها وبذل أقصي الوسع لتحقيق أهدافها

همسات تربوية: المؤسسية  (5)
ومن مبادئ العمل المؤسسى
النتائج المؤلمة للشورى لا تبرر إهمالها
كان الرسول صلي الله عليه وسلم يعلم نتيجة غزوة أحد قبل المعركة، وذلك برؤيا صادقة كفلق الصبح هي صورة من صور الوحي، ولكنه رغم ذلك التزم بنتيجة الشوري التي استقرت علي الخروج لملاقاة جيش المشركين خارج المدينة علي خلاف رأيه صلي الله عليه وسلم ورأي الشيوخ من أصحابه، وخلاف ما استقرت عليه التجارب السابقة والخبرات العسكرية لأهل المدينة، فلم يتذرع صلي الله عليه وسلم بالرؤيا لتعطيل الشوري أو لفرض رأيه، ولم يستمع للنخبة من الشيوخ وأهل الخبرة دون الشباب والعامة، وعمل بجد لتنفيذ قرارالشوري الذي اتخذت فيه الأغلبية خياراً يخالف خياره صلي الله عليه وسلم وهوالمعصوم ، وحينما أراد الشباب التراجع عن رأيهم وقالوا: “كأننا استكرهناك يا رسول الله” قال لهم في عزم وحزم: “ما كان لنبي إذا لبس لأمة الحرب أن يخلعها حتي يحكم الله بينه وبين عدوه” وقد جاءت نتائج الشوري في هذه المرة مؤلمة أشد الألم؛ فقد كان من نتائجها المباشرة قبل المعركة حدوث الانقسام ورجوع ثلث الجيش بعد استغلال رأس المناقين عبد الله بن أبي بن سلول لهذه الحادثة في التخذيل وإثارة الفتنة، وكان من نتائجها أيضاً وقوع الهزيمة العسكرية المروعة، فقد خسر المسلمون أكثر من نصف الجيش بين شهيد وجريح(72 شهيد و300 جريح) من إجمالي (700 ) حضروا الغزوة.
ورغم هذه النتائج المؤلمة ينزل القرآن الكريم لتأكيد مبدأ الشوري وضرورة الالتزام به والرضي بنتائجه مهما كانت مؤلمة فقال تعالي مخاطباً رسوله صلي الله عليه وسلم بعد الغزوة: “فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ” [آل عمران: 159] يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله: “إن وقوع الأحداث المؤلمة، لا يلغ الحق فى الشورى ، لأن الله – سبحانه وتعالى- يعلم أنه لا بد من مزاولته في أخطر الشئون، ومهما تكن النتائج، ومهما تكن الخسائر، فهذه كلها جزئيات، لا تقوم أمام إنشاء الأمة الراشدة، المدربة بالفعل على الحياة، المدركة لتبعات الرأي والعمل، الواعية لنتائج الرأي والعمل ولقد كان من حق القيادة النبوية أن تنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة، أمام ما أحدثته من انقسام في الصفوف في أحرج الظروف، وأمام النتائج المريرة التي انتهت إليها المعركة. (هكذا قد يبدو لنا الأمر)، ولكن الإسلام كان ينشئ أمة، ويربيها، ويعدها لقيادة البشرية، وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمة وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربى بالشورى، وأن تدرب على حمل التبعة، وأن تخطئ لتعرف كيف تصحح خطأها، وكيف تحمل تبعات رأيها وتصرفها، فهي لا تتعلم الصواب إلا إذا زاولت الخطأ، والخسائر لا تهم إذا كانت الحصيلة هي إنشاء الأمة المدربة، المدركة، المقدرة للتبعة”(في ظلال القرآن، بتصرف) وقد اختارت جماعة الإخوان المسلمين العمل بالشوري واعتبارها ملزمة لا معلمة؛ كما ألزم النبي الكريم بها نفسه وأصحابه، والرضي بنتائجها مهما كانت مؤلمة كما رضي الرسول وأصحابه بها مبدأ رضيه الله لهم بعد كل ما أصابهم من تطبيقه

همسات تربوية: المؤسسية (6)
من تحديات العمل المؤسسي:
1 ـ تحقيق التوازن بين الإبداع والعمل التنظميي.
2 ـ تحقيق التوازن بين واجبات الفرد وأدوار الجماعة : تحقيق أهداف المؤسسة مسئولية فردية وجماعية فتكوين الفرد المسلم والبيت المسلم واجب كل أخ علي حدته، وإرشاد المجتمع واجب مشترك بين الفرد والجماعة وباقي مراتب ركن العمل مسئولية أساسية للجماعة.
3 ـ تحقيق التوازن بين الأخوة والمحاسبة: فالأخوة تقتضي الحب والتقدير والاحترام المتبادل وتلمس الأعذار وسلامة الصدر والإيثار والتناصح وغير ذلك من واجبات الأخوة. والمحاسبة تقتضي الصراحة والوضوح وإقامة اللوائح وإثابة المحسن ومعاقبة المخطئ وتقديم الكفاءات وتأخير أصحاب القدرات الضعيفة دون تحرج أو مجاملة ودور المؤسسة تحقيق التوان بين هذه المعاني جميعاً.
مقتضي الأخوة : يا أبا ذر إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
مقتضي المحاسبة يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة

همسات تربوية : الثائر الرباني

إن كل إنسان ـ كائناً ما كان ـ ينطوي على مناجم إلهية، من العبقريات الفذة، و الطاقات الجبارة، و الإمكانات المتميزة، و كنوز من القيم و الفضائل؛ و نحن أحوج ما نكون في هذا الظرف الحرج من عمر الوطن إلى كل ذلك، سواء في مرحلة مناهضة و كسر الانقلاب أو ما بعدها.
و لا سبيل إلى إثارة هذه المناجم النفسية إلا أن تثيرها باسم الله العلي الكبير؛ فاسم الله وحده هو مفتاح هذه الكنوز الربانية المغلقة، و لا يضع الله هذا المفتاح إلا في يد العبد الرباني؛ الذي يتخلق بصفات الربانية الفاضلة؛ يجاهد نفسه حق المجاهدة، و يقمع هواه في غير هوادة؛ فيفضي بذلك إلى ما شاء الله من بطولة و توفيق ( و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا؛ و إن الله لمع المحسنين ) العنكبوت:69 ” تذكرة الدعاة/ البهي الخولي” بتصرف
و لهذا كانت وصية الأستاذ البنا: ( كونوا عباداً قبل أن تكونوا قواداً؛ تقودكم العبادة إلى أحسن قيادة ).
أضف إلى ذلك ـ و الكلام للشيخ محمد الغزالي رحمه الله ـ ” أن الحق الذي نعمل لاستقراره لابد أن يستقر، و الباطل الذي نكدح لبواره لابد أن يبور و لكن متى ؟ ليس ذلك الينا و لا توقيته في مقدورنا “.
إذ ليس لنا من الأمر شيء، إلا كما فعل النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و الصحابة الكرام يوم الخندق، نتابع الحفر و لا نستعجل الريح؛ إذ أمرها إلى الله وحده، و على الثوار ـ و الكلام للشيخ الغزالي ـ ” أن يعملوا و لذتهم ليست اقتطاف الثمر العاجل؛ و إنما لذتهم في الشعور بتوفيق الله، و الامل في إرضائه.
و خلاصة القول ، أننا نحتاج إلى ثائر رباني مخبت أواب ، وثيق الصلة بالله ، يعيش عبودية انتظار الفرج من الله القريب المجيب ؛ فهو ـ سبحانه ـ سندنا الأول و الأخير، و ما بينهما هو أخذٌ بالأسباب؛ تعبدا لله؛ فنحن نوقن أننا لسنا وحدنا في المعركة؛ فالله معنا؛ فهو يعلم و يرى و يسمع، و لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا؛ ألا ترى هذه اللفظة المعجزة؟، إنه قال “لنا” و لم يقل “علينا”؛ و هذا يكفي.

همسات تربوية :الانضباط التنظيمى
نعيد التذكير والتأكيد أن العمل الجماعي يعني اشتراك أكثر من فرد في إنجاز مهمة أو عدة مهام، وإذا كانت هذه المهام متعددة وفي قطاعات متباعدة الأطراف (قطر- محافظة- مركز- قرية- نجع) فإن إنجاز هذه المهمة في أقل وحداتها يحتاج إلى عمل جماعي موصوف بالتنظيم ومُحكم بآليات تضمن تحقيقها
ولأن النشأة والبيئة المحيطة لهما تأثيرهما على الفرد الذي هو أداة لتحقيق هذه المهام، فإنه من المتوقع أن يختلف أسلوب كل فريق عمل في هذه القطاعات تبعًا لهذه النشأة، وربما اختلفت المناهج وتباينت الرؤى لكل فريق، وحفاظًا على وحدة الصف وتحقيقًا لأكبر قدر من الاستقرار للعمل، ومنعًا لتدخل الأهواء، وتغليبًا لمصلحة الدعوة العامة على مصلحة الشخص الخاصة؛ فإن الدعوة وضعت قوانين ونظمًا ولوائح تضبط العمل وتسير فروعه المختلفة من أكبر وحدة تنظيمية في القطر إلى أصغر وحدة تنظيمية في النجع، وعلى الجميع أن يلتزم بها ويطوع نفسه على نظامها واحترامها

همسات تربوية :من صور الانضباط التنظيمى
فمن صور الانضباط التنظيمي أن يتقبل كل فرد داخل فريق العمل الدعوي موضع الجندية بنفس الروح والهمة العالية التي يستقبل بها وضع المسئولية والقيادة، وألا يتبرم أو يخرج على الصف أو يضيق صدره أو يتغير وجهه، وألا يقل عطاؤه وإتقانه للعمل إذا تغيرت مهمته وتحوَّل من موضع المسئولية إلى الجندية، فإن ذلك من صميم العمل التنظيمي، وغضبه أو تذمره أو خروجه على الصف يكشف خللاً واضحًا في نيته وصدق توجهه في العمل الدعوي
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة للعمل الدعوي التي وضعتها الجماعة لتحقيق ذلك، وألا يطلب أي فرد فيها استثناءً لنفسه يراه واجب التنفيذ لعطائه المتميز في إنجاح الأنشطة التي كُلف بها، أو لإمكاناته العالية في الإدارة والإبداع، أو لثقته الزائدة في نفسه التي تجعله يرى أن مصلحة العمل تستوجب ذلك وغيره
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام بعرض رأي الجماعة في الموضوعات التي تُطرَح على الساحة، خاصة على المنابر الإعلامية أو التصريحات الصحفية، ممن لهم صفة قيادية داخل الصف، أو ممن يعتبرهم الإعلاميون قياديين وإن لم يكونوا كذلك؛ حتى لا يُحدث بلبلة في الصف، أو يختلط الأمر على المتلقي، وتظهر الجماعة أمام الناس وكأنهم متناحرون مختلفون

همسات تربوية : من صور الانضباط التنظيمى
ومن صور الانضباط التنظيمي ألا تُحل الخلافات ومشاكل العمل الدعوي على الملأ وفي جو من التشاحن أو التلاسن، بل يجب أن تُحل الخلافات وفق الأطر العامة للعمل ومن خلال القنوات الشرعية لذلك، لا اعتلاء المنابر الإعلامية والصحفية وعرض وجهات النظر الشخصية وازدراء وجهة النظر الأخرى، بل يجب النزول والاحتكام إلى نظم الجماعة ولوائحها والرضا بما تحكم به اللجنة الموكول إليها البت في هذا الخلاف

ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام التام باختيارات الجماعة الفقهية التي تبنتها، والتي لها علاقة مباشرة في تنظيم العمل وتسييره، كاعتبار الشورى ملزمة في جميع مستويات العمل، وإن كان هناك رأي بأنها معلمة وغير ملزمة، فاختيار الجماعة الفقهي في هذه المسألة واجب التطبيق، فلا يجوز أن يخالف أحد رأيًا استقرت عليه الشورى وتبنته الجماعة؛ بحجة أن الشورى معلمة غير ملزمة، أو أنه لم يقتنع به، أو أنه مغاير لوجهة نظره أيًّا كانت مكانة هذا الشخص التنظيمية

ومن صور الانضباط التنظيمي السمع والطاعة للمسئولين في غير معصية، فلا يُعقل أن يكون هناك عمل جماعي منظم أفراده لا يطيعون قادتهم، والباب أمام تحقيق هذا النوع من الانضباط هو الثقة المتبادلة بين القادة والجنود، فعلى الجندي الذي لا يسمع لقائده لشيء في نفسه أن يُصارحه به، وأن يساعده في تجاوزه، وعلى القائد أن يسعى للحصول على تلك الثقة من جنوده، وأن يبذل من الجهد ما يجعلهم مطمئنين إليه

همسات تربوية : من صور الانضباط التنظيمى
وامتثال الأمر الصادر عن القائد أو المسئول وإنفاذه في التو والحال في العسر واليسر في المنشط والمكره من ضروريات الانضباط التنظيمي، والجماعة لن تستطيع أن تُنجز عملاً أو تحقق هدفًا وأفرادها لا يطيعون أوامر قادتهم أو يترددون في تنفيذها أو يقتلونها بحثًا وجدلاً وتنظيرًا، فهذا كله لن يُنجز عملاً “ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل” (حسن، أورده الألباني في صحيح الجامع ح رقم 5633)

ومن صور الانضباط التنظيمي اتباع الأعراف المتبعة في تسوية أي خلاف فكري أو دعوي أو شخصي، باتباع التسلسل القيادي لذلك، وعدم تجاوزه أو الخروج به إلى وسائل الإعلام؛ بحجة الانفتاح، وأن هذا أمر صحيح، فأي فائدة ستعود من ذلك، وأي عقل يقبل أن تناقش مشاكله على الملأ وبهذه الصورة العلنية التي تزيد هوة الخلاف لا تضييقه؟!
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتفاف حول القادة والمسئولين وتوحيد الصف وعدم الانسياق وراء دعاوى التفرق وتمزيق الصف؛ بحجة الإبداع والتطور، وما الضير من التطوير والإبداع من خلال العمل المؤسسي المنظم، ومن خلال اللوائح الموضوعة لذلك، وبعيدًا عن الرغبة في الظهور وحب الشهرة؟

فإن من أخطر ما يهدد وحدة الصف أن يستجيب البعض للتشكيك في قادتهم، ويقبلوا التهكم عليهم، ويرضوا ببعض التقسيمات التي يرددها من يريد فتنتنا وتمزيق وحدتنا، وإضعاف قوتنا، كمن يقسم الجماعة لحرس قديم وآخر جديد، شباب وشيوخ، قبلي وبحري، رجال ونساء، وغيرها من التقسيمات التي لا ينتبه إليها بعض الشباب المتحمس

همسات تربوية :من صور الانضباط التنظيمى
ومن صور الانضباط التنظيمي المحافظة على وحدة الصف وروح العمل الجماعي، فيد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، وأن ما نكره في الجماعة خير مما نحب في الفرقة، وكدر الجماعة ولا صفاء الفرد
والعمل الجماعي المنظم مبني على قيادة مسئولة لها حق الطاعة وأفراد عاملين مترابطين فيما بينهم، مخلصين لدعوتهم التي رضوا بأن يكونوا جنودًا في صفوفها، أي أن هناك شراكة بين القادة والجنود، هذه الشراكة قائمة على وحدة الفكر، ووحدة المقصد، وقد يتفق هذان الشريكان، وربما يختلفان في بعض الأحيان، ولكن تبقى الأخوة والوحدة ركيزتين لا يمكن التفريط فيهما عندما تصدق النفوس وتخلص النوايا، وتبقى الشورى الملزمة هي الفيصل في حسم أي خلاف، وكمال الطاعة المبصرة هي التي يجب أن ينزل عليها كلا الطرفين

ومن صور الانضباط التنظيمي أن يعرض كل صاحب فكرة متطورة، أو برنامج جديد يرى أن فيه مصلحة للجماعة على القيادة، من خلال التسلسل الإداري المعمول به، والمنظم لتلك الآلية وله كل الحق في عرض فكرته من جميع جوانبها، وعلى القيادة أن توفر له هذا المناخ الحر الذي يُعبر فيه الفرد عن أفكاره وبرامجه مع عدم التشكيك في نواياه

وعلى صاحب الفكرة أو المقترح أن لا يلزم قادته أو يسعى لإجبارهم أو يُخيرهم بين تطبيق فكرته والأخذ برأيه وبين الخروج عن الصف، والانشقاق عليه، فلو أن كل صاحب فكرة – رأى فيها صالحًا للجماعة- لم يوافق عليها؛ تذمر واعترض ووصف الرافضين لفكرته بضيق الأفق، والتسلط والجمود، وأنهم ضد الإبداع والتطور، وجعل من ذلك سببًا للخروج منها، وتكوين جبهة مناهضة، مدعيًا أن الحق معه ولابسًا ثوب المظلوم المضطهد مستجلبًا عطف الآخرين، لما كان هناك جماعة ولا تنظيم ولا عمل، والحقيقة أنه ما اعترض ولا خرج على إخوانه وما فعل ذلك إلا انتصارًا لرأيه، وتحيزًا لفكرته

وإن مما يجب أن يلتزم به الجميع أن يتجنبوا الأساليب الحزبية، ونعني بها التحزب لأشخاص بعينهم أو التعصب لآرائهم في مسائل مختلف فيها، بل يجب أن يلتزم الجميع بالرأي الذي انتهت إليه الشورى، لما يترتب على عدم الالتزام من متاعب وتصديع للصف، وتعويق للعمل

همسات تربوية : من صور الانضباط التنظيمى
ومن صور فقه الانضباط التنظيمي أن يعلم الأخ أن هناك دوائر مختلفة للشورى وليس من الضروري أن يتم تداول كل الأمور في كل المستويات الشورية، حتى تصل لأقل وحدة تنظيمية، بل إن هناك قضايا يتم مدارستها وتقليبها على كل الأوجه والاحتمالات وتمحيص عواقبها ونتائجها الإيجابية منها والسلبية في مستوى أعلى، ثم تنزل إلى المستويات الأدنى للتنفيذ، فيجب هنالك السمع والطاعة وعدم إضاعة الوقت والجهد في مدارستها مرة أخرى، مع كفالة الحق لأي فرد أن يبدي ملاحظاته وآراءه حولها، ويتقدم بذلك رسميًّا إن أراد، فإن جاء الجواب بالسلب أو الإيجاب طويت الصفحة وانخرط الجميع في التنفيذ الموافقون والمعارضون
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام التام بكلِّ مواعيد العمل الدعوي وأنشطته، وعدم التخلف عنه إلا بعذر شرعي يقبله الله تعالى قبل أن يقبله المسئولون، فإن هذا الالتزام كفيل بإنجاح العمل وتميزه، وصبغه بصبغة الجدية والانضباط، أما التفلت والاستهتار فيعني إهدار الوقت والجهد دون فائدة

شاهد أيضاً

وفي الصوم زاد.. من تراث الأستاذ مصطفى مشهور رحمه الله

يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *