دعا المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الكشف عن مكان احتجاز الناشط الحقوقي والأكاديمي د. ناصر بن غيث والسماح الفوري لعائلته ومحاميه بزيارته والاطمئنان عليه والإفراج عنه فوراً ودون قيد أو شرط والكفّ عن انتهاك حقوقه والنيل من كرامته ومن آدميته.
كما دعا المركز في بيان تلقت “الشرق” نسخة منه إلى فتح تحقيق جاد ونزيه فيما تعرّض له ابن غيث من تعذيب وسوء معاملة واختفاء قسري وإساءة معاملة داخل السجن ومحاسبة المسؤولين عن ذلك وتخويله الحق في الانتصاف وجبر الضرر وردّ الاعتبار.
وحث المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان النظام الإماراتي على السماح للمقررين الأمميين الخاصين والفرق الأممية العاملة والمنظمات الحقوقية وغير ذلك من الآليات الحقوقية الدولية بزيارة د. ناصر بن غيث وغيره من المعتقلين من الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين ومعاينة أوضاعهم ورصد وتوثيق ما ينال من حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.
وقال المركز إنه بلغ إلى علمه تعمّد سلطات دولة الإمارات نقل الأكاديمي د. ناصر بن غيث من سجن الرزين إلى مكان غير معلوم.. وأن سلطات دولة الإمارات تتكتم على مقر احتجاز د. ناصر بن غيث بعد نقله من سجن الرزين ولم تبلّغ العائلة بمقر الاحتجاز الجديد وهو ما من شأنه أن يحرمه من حماية القانون ويجعله في حكم المختفي قسريا طبقا لمقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي لم تنضم لها سلطات دولة الإمارات حتى هذا التاريخ.
وأوضح البيان أن سلطات دولة الإمارات تستمر في منع د. ناصر بن غيث من حقّه في زيارة الأهل وذلك منذ دخوله في إضراب عن الطعام في الثاني من أبريل الماضي احتجاجا على ما تعرّض له من انتهاكات وهو ما يمثل خرقا للمادة 18 من القانون الاتحادي الإماراتي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية وللمبدأ رقم 18 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن الصادرة عن الأمم المتحدة.
وأكد البيان أن السلطات منعت عن غيث زيارة محاميه والذي رفضت السلطات ذاتها النظر في طلب تمكينه من صورة من الحكم القضائي، وأنكرت تمثيله للدكتور ناصر بن غيث رغم نيابته والترافع عنه أمام المحكمة الفيدرالية العليا عند بدء محاكمته، كما رفض طلبه بزيارة موكله بسجن الرزين بقصد إقناعه بالطعن ضد حكم المحكمة الاستئنافية الاتحادية.
وأعاد المركز التذكير بأن سلطات دولة الإمارات عملت على انتهاك حقوق الأكاديمي والناشط الحقوقي د. ناصر بن غيث والنيل من كرامته ومن أمانه الشخصي ومن حقّه في محاكمة عادلة منذ إيقافه في أغسطس 2015، حيث تعرض للتعذيب ولسوء المعاملة وللاختفاء القسري وسلطت عليه المحكمة الاستئنافية الاتحادية عقوبة الحبس لعشر سنوات برئاسة قاضي مصري بجلسة التاسع والعشرين من مارس الماضي من أجل تغريدات نشرها على حسابه بموقع تويتر، اعتبرتها سلطات دولة الإمارات تعكيرا لصفو العلاقات مع الدولة المصرية عبر الإنترنت “وإثارة للفتنة والكراهية والعنصرية والطائفية وإضرارا بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي”.
ودعا المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان المقررين الخاصين بالتعذيب وبالمدافعين عن حقوق الإنسان وباستقلال القضاء والمحاماة بالتدخل العاجل لدى الحكومة الإماراتية للكشف عن مكان احتجازه بعد نقلته من سجن الرزين والسماح للعائلة ولمحاميه بزيارته والإفراج عن الدكتور ناصر بن غيث وكل معتقلي الرأي.
وكان ابن غيث المفكر والأكاديمي والاقتصادي والقانوني البارز قد صدر بحقه حكم بالسجن 10 سنوات، بتهمة هزلية تتعلق بانتقاده على حسابه بموقع التدوينات «تويتر» للسلطات المصرية والإماراتية، وصار أحد ضحايا آلة القمع الإماراتية التي تلاحق كل صاحب رأي بمجرد محاولته التعبير عن رأيه بأي شكل كان.
وناصر بن غيث حاصل على ليسانس الحقوق عام 1995 من أكاديمية شرطة دبي، وماجستير القانون الدولي بجامعة «كيس ويسترن ريزيرف» في كليفلاند الأمريكية عام 2002، وبعدها حصل على دكتوراة في التجارة الدولية والقانون الاقتصادي الدولي القانون بجامعة «Colchester. Essex» البريطانية عام 2007.
وعمل ابن غيث كخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية ومحاضر سابق بجامعة «السوربون» الفرنسية فرع أبو ظبي، ليكون أول إماراتي على مدار التاريخ يحاضر في تلك الجامعة، حيث برع في تخصصه ليذيع صيته في الإمارات ومن بعدها في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وأيضا في المحافل الدولية.
ولم يتوقف النهم العلمي لـ«ابن غيث» عند هذا الحد، ولكنه درس أيضا مجال التكتلات الاقتصادية، وحاول إفادة بلاده في هذا المجال، فكان أول من تنبأ بالأزمة العقارية منذ عام 2006، كما عارض سياسة الإمارات الاقتصادية بخصوص الاندفاع العقاري وغيرها من السياسات غير المدروسة، كما كان له رأي مخالف في توصيف التنمية الاقتصادية في دول الخليج، التي قال عنها في أحد مقالاته «إن ما يعتبر زورًا أو جهلًا تنمية اقتصادية ما هو إلا هدم للدولة وأركانها وتبديدًا لثرواتها المادية والبشرية وربما استعجالًا لثورة شعوبها».