قالت مصادر مطلعة، أن المباحثات التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، مع مسؤولين سودانيين بينهم الرئيس السوداني عمر البشير، خلال زيارته إلى الخرطوم التي انتهت الجمعة، وامتدت لثلاثة أيام متتالية حملت محورا أساسياً، تمثّل بتأمين سد النهضة، إذ ظل هذا الملف يشغل أديس أبابا منذ الهجوم الفاشل الأخير الذي تعرض له السد وأقرت إثيوبيا بتصديها له.
فأجندة الزيارة كانت أمنية بشكل شبه كامل، وإن تطرقت لملفات أخرى سياسية واقتصادية في محاولة للوصول بعلاقة البلدين إلى تكامل مشترك سياسي وعسكري واقتصادي، لمواجهة التحديات التي تواجههما وتتلاقى خلالها مصالحهما.
وأكدت المصادر أن ديسالين والوفد المرافق له، بحثا خطة مشتركة مع الخرطوم لتأمين السد، عبر تشكيل قوة مشتركة لحمايته في حال تعرضه لأي هجوم، نظراً لتأثير السد على أمن الخرطوم أسوة بأديس أبابا.
ورأى مراقبون أن إثيوبيا تعتمد في تسويق المقترح على استفادة السودان ومصر من السد، على الرغم مما يثار حوله من جدل من الجانب المصري، باعتبار أن أديس أبابا ستمد الخرطوم والقاهرة بالكهرباء من السد بسعر التكلفة، ما يجعلهما متضررين نسبياً من أي أذى يلحق بجسم السد.
ورجح المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ موافقة الخرطوم على المقترح الإثيوبي بشأن القوة المشتركة والمضي قدماً فيه سواء بالمشاركة بقوات برية أو دفاعات جوية أو بمعلومات استخباراتية.
واعتبر أن ذلك التحالف الذي في ظاهره يهدف لتأمين السد، سيعمل على تقوية موقف إثيوبيا ضد عدوتها التاريخية وجارتها إريتريا، وسيقود إلى تحوّل كبير في المنطقة، فضلاً عن زيادة حدة التوتر بين الخرطوم والقاهرة ووصوله إلى مراحل صعبة، لا سيما أن الأخيرة لن تقبل بالمقترح الإثيوبي وتنضم للقوة المشتركة بالنظر لتحالفها مع إريتريا وما يمثّله ذاك التحالف من إضعاف لأسمرا.
ورأى أبو الجوخ أن قيام أديس أبابا بعرض المقترح على مصر في حال حصل ذلك، سيكون محاولة لإسقاط أي مبرر يجعل الأخيرة جزءاً من أي عمل عدائي ضد السد، معتبراً أن اجتماع رئيس الوزراء الإثيوبي بوزير الدفاع السوداني، بمثابة تأكيد على توجّه البلدين نحو تحالف عسكري. وأشار إلى أن السودان ومقابل دخولها في التحالف، ستحظى بدعم إثيوبيا داخل منظومة الاتحاد الإفريقي.
وتوقع محللون أن لا يُعلن عن القوة المشتركة لحماية سد النهضة، بشكل مباشر، باعتبار أن الخرطوم لا تنوي توتير علاقاتها بشكل أكبر مع القاهرة، وتوسع هوة الخلافات بينهما، بالنظر إلى التقاطعات بين البلدين في جنوب السودان وليبيا وسورية وغيرها من القضايا الإقليمية.