أنتم أتباع محمد (ص) الصادق الأمين الذي نعته الله سبحانه وتعالي وإنك لعلي خلق عظيم. فأخلاقكم من أخلاق النبي الوفاء نبراسكم، الغدر خصمكم وعدوكم، تحري الصدق ديدنكم، النفور من الكذب دأبكم، قولكم الذي يرضي ربكم ويغيظ عدوكم كلمة حق عند سلطان جائر أو في وجه سلطان جائر. أخلاقكم أخلاق -الصديق -أبا بكر عندما أراد مشركي قريش طعن النبي في صدقه له عند رحلة الإسراء والمعراج فكانت الثقة في رسول الله (ص) خنجر في كبد المشركين عندما قال لهم: أوقال ذلك؟ قالوا مهللين نعم. قال لهم مخزياً. إذاً أصدقه، فقد صدقته في خبر السماء ألاّ أصدقه في ذلك. هذه هي أخلاق صاحب الرسالة الذي لا يحيد عن بوصلة الحق ولم يزغ قيد أنملة عن قيادة بالتشكيك أو سوء الظن حتى لو لم يعلم من قيادته. خبر الإسراء والمعراج. ثقة في الرسالة وصاحبها.
يا صاحب المنهج:
قال تعالي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6].
إياك أن تتبع الفاسق لأنه مظنة الكذب، وحتى لا يشع الشك بين الجماعة المؤمنة في كل ما ينقل من أخبار، فيقع ما يشبه الشلل في معلوماتها، فالأصل في الجماعة المؤمنة أن يكون أفرادها موضع ثقتها، وأن تكون أنباؤهم صادقة موثقة، فأما من ينقل بلا مصداقية فهو موضع شك حتى يثبت خبره وبذلك يستقيم أمر الجماعة ويظل الصف متراص قوي البنيان،
الشائعة تُعمي عن الحق وعن الصراط المستقيم. يقول الله تعالى: فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[القصص:5]
الشائعة ضررها أشد من ضرر القتل. فالإشاعات من أهم الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الصف المسلم ويقول الله تعالى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ، وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وإنما كانت الفتنة أشد من القتل لأن القتل يقع على نفس واحدة لها حرمة مصانة أما بالفتنة فيهدم بنيان الحرمة ليس لفرد وإنما لمجتمع بأسره.
إرجاع الأمر لأهل الاختصاص: يقول الله تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء:83].
أيها الحبيب العامل لربك:
احذر أن تكون أنت الانطلاقة لكل شائعة، واحذر أن تكون مروجاً لهذه الشائعات، فإذا ما سمعت ـ أخي المسلم ـ بخبر ما ، وكان ما سمعته يتعلق بجهة مسلمة، سواء كانت طائفة أو مجتمع أو شخص، فما بالك لو كانت – جماعتك – وبنائك الداخلي ، وكان الذي سمعته لا يسُرّ، أو فيه تنقص أو تهمة، فلا تستعجل في تقبل الإشاعة دون استفهام أو اعتراض .واحذر ترديد الإشاعة لأن في ترديدها زيادة انتشار لها مع إضفاء بعض بل كثير من الكذب عليها وكما قيل في المثل: الكذبة كرة ثلجية تكبر كلما دحرجتها، واحتفظ بالخبر لنفسك لا تنقله لغيرك، مع أن الذي ينبغي أن يبقى في نفسك هو عدم تصديق الخبر؛ لأن الأصل ـ كما ذكرنا ـ إحسان الظن بالمسلمين حتى يثبت بالبرهان والدليل والأدلة صدق هذا الاتهام؛ لأن القضية قضية دين والمسألة مسألة حسنات وسيئات.
فليحافظ كل منا على دينه ودعوته، وليحافظ كل منا على حسناته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.